المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صفار الوليد


asnanaka
08-23-2006, 10:40 PM
يقوم نخاع العظم بصنع كريات الدم الحمر، ومنه تغادر هذه الأخيرة الى الدم لتتولى مهمة نقل الأوكسجين اللازم الى مختلف أعضاء الجسم. تعيش الكريات الحمر وسطياً نحو 120 يوماً،


لتقبر بعدها في الطحال مخلفة وراءها مادة تعرف باسم الـ «بيليروبين» الحر الذي يسافر الى الكبد حيث تجري معاملته كيميائياً ليتحول الى بيليروبين مرتبط، وهذا الأخير لا خطر منه، وهو يشكل جزءاً من المفرزات الصفراوية للكبد. ان ارتفاع البيليروبين المرتبط والبيليروبين غير المرتبط عن حد معين يؤدي الى معاناة الطفل من ما يعرف بـ «الصفار»، أي ظهور اللون الأصفر على الجلد والعينين.

ان الطفل الحديث الولادة قد يعاني من الصفار بعد 24 الى 48 ساعة من ولادته، ويطلق على هذا الصفار اسم الصفار الفيزيولوجي، أما سببه الفعلي فيعود الى أمرين: الأول هو عدم نمو الكبد، والثاني هو وصول عدد هائل اليه (الكبد) من الكريات الحمر، من هنا فإن المخلفات الناتجة من هذه الكريات تكون مرتفعة، الأمر الذي يؤدي الى زيادة مستوى البيليروبين بشدة، لذلك فإن الصفار ظاهر لا محالة، وهذا الصفار يقال عنه انه فيزيولوجي، فهو لا يعطي أي عارض أو علامة مزعجة، فالكبد هنا يكون عادياً، وكذلك الطحال، كما ان لوني البراز والبول يكونان عاديين للغاية، وفي الحال الطبيعية يختفي الصفار الفيزيولوجي في فترة لا تتجاوز الثلاثة أسابيع.

حليب الأم بحد ذاته قد يكون أيضاً سبباً لصفار المولود الجديد، وقد يستمر هذا الصفار طوال مدة الرضاعة، أما آليته فتعود الى احتواء حليب الأم على مركب معين يعمل على عرقلة استقلاب البيليروبين في الكبد. والمهم في هذه الحال هو افهام الأم ضرورة عدم وقف اعطاء حليبها لابنها، لأن الصفار المذكور لا ضرر منه ولا خطر، وهو زائل بمجرد فطام الطفل من دون أن يترك خلفه أي آثار تذكر.

ان بقاء البيليروبين ضمن حدود معينة لا مشكلة منه، أما اذا تخطى تلك الحدود فعندها يتحول الى مادة خطرة سامة للدماغ اذ يترسب فيه مؤدياً الى خلق مشاكل عصبية، قد تنتهي بالتخلف العقلي.

يمكن رصد مستوى البيليروبين في دم الطفل من خلال وضع قارئ الكتروني على جلد الطفل، فإذا جاءت هذه القراءة عالية عن الحد المعترف به طبياً، فعندها يمكن اللجوء الى المعالجة بوضع الطفل عارياً في حاضنة، وتعريض جسمه للأشعة فوق البنفسجية التي تهدف الى خفض مستوى البيليروبين باتجاه الأسفل. وطبعاً يتوجب حماية عيني الطفل من الأشعة، وكذلك يتوجب رصد حرارته لتحاشي تعرضه للجفاف في حال ارتفاعها. وتوقف المعالجة متى هبط البيليروبين الى الحد العادي المسموح به. أما في حال فشل المعالجة في انجاز المطلوب فلا مفر من اللجوء الى معالجات أخرى في مراكز مجهزة لهذه الغاية.

وفي الختام، لا بد من أن نعرف أن الصفار عند الطفل الحديث الولادة، قد ينتج من أسباب أخرى من بينها عدم توافق زمرة الدم بين الأم وطفلها، والقصة وما فيها هي التالية: عندما تكون الحامل تملك زمرة دموية سلبية الريزيوس (Rh-) في حين أن جنينها يملك زمرة دموية ايجابية الريزيوس (Rh+) فإن ما يحصل ما يلي: ان الكريات الحمر للجنين ايجابية الزيزيوس ستعبر الى دم الأم، فتتكون عندها مضادات أجسام ضد الكريات الحمر للجنين، ان هذه المضادات لا خطر منها في الحمل الأول، ولكن ما يحصل في الحمل التالي هو أن تتجه تلك المضادات من دم الأم الى دم الجنين، خصوصاً عند الولادة، فينتج من هذا دمار في الكريات الحمر للطفل، مخلفاً وراءه كمية عالية من مادة البيليروبين فيصاب الوليد بالصفار الناتج عن انحلال الدم.

ان مراقبة الأم خلال فترة الحمل مهمة، ويجب أن تحدد الزمرة الدموية للحامل، وكذلك معرفة عامل الريزيوس، فإذا كانت الأم سلبية الريزيوس، فيجب عندها قراءة زمرة الدم عند الزوج، فإن كانت ايجابية الريزيوس، فوقتها يلزم اجراء التحريات المناسبة للكشف عن وجود مضادات الأجسام ضد عامل الريزيوس عند الأم، فإذا جاءت الفحوص سلبية كان خيراً، أما اذا أتت ايجابية، فإن احتمال تعرض الجنين لانحلال الدم أمر وارد، وفي هذه الحال تحقن الأم بإبرة خاصة تجنب وقوع وليدها في المحظور.