المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : استنبات خلايا القلب


asnanaka
02-14-2009, 09:35 PM
لأول مرة في التاريخ يقوم الأطباء بزراعة خلايا من نخاع العظم في قلب مريض مصاب باحتشاء القلب ( جلطة القلب ) . جاء ذلك في تقرير أصدرته جامعة ( دوسلدورف ) في ألمانية في ( 24 ) أغسطس ( آب ) عام 2001م .
فبعد أربعة أيام من إصابة مريض يبلغ (46 ) عاماً بجلطة كبيرة في القلب أدت إلى موت جزء كبير من عضلة القلب ، قام الدكتور / ( سترور ) وفريقه الطبي بأخذ خلايا جذعية من نخاع عظم المريض ذاته . ثم قاموا بتركيز هذه الخلايا في أنابيب الاختبار ، وفي اليوم التالي حقنت هذه الخلايا في الشريان التاجي المصاب بعد استخدام النفخ بالبالون . وقد أدى ذلك إلى تحسن ملحوظ في وظيفة عضلة القلب. وبعد عشرة أسابيع من زرع تلك الخلايا صغر حجم المنطقة المصابة بالاحتشاء ( جلطة القلب ) . ويعتقد الدكتور ( سترور ) أن هذه الخلايا المزروعة في منطقة ميتة من القلب ، قد تشكلت إلى خلايا قلبية ، مما أدى إلى تحسن في وظيفة عضلة القلب ، رغم أنه لا يمكن في هذا الوقت إثبات تلك الفرضية لأنه لم تؤخذ عينة من عضلة القلب لتدرس خلاياها بالميكروسكوب .
وبعد نجاح هذا الزرع ، قام الفريق ذاته بمعالجة ستة مرضى آخرين بنفس الطريقة وبنجاح جيد .

أصداء وردود
وقد وصلت أخبار هذا الحدث إلى المؤتمر الأوروبي لأمراض القلب الذي عقد في أوائل شهر سبتمبر ( أيلول ) عام 2001م في ستوكهولم . وتباينت آراء الخبراء في هذا المجال بين مشجع ومشكك .
فمن الفريق الأول انبرى البروفيسور ( فيليب بول ويلسون ) من معهد القلب الوطني في لندن الذي أعرب عن تشجيعه لهذا البحث شريطة أن تجرى الأبحاث وفق المعايير العلمية الصحيحة .
ومن الفريق الآخر الدكتورة ( دوريس تايلور )من جامعة ( ديوك الأمريكية ) التي اعتقدت أن وضع مثل تلك الخلايا في قلب مريض مصاب بجلطة في القلب سابق لأوانه ، فليس هناك سوى دراسات قليلة جداً توحي بفعالية وسلامة مثل هذا الإجراء عند حيوانات التجارب .
وقد شجعت الدكتورة تايلور في مقال نشر في شهر سبتمبر ( أيلول ) عام 2001م في مجلة نيو انجلاند استخدام الخلايا المأخوذة من عشر سنوات من الأبحاث المخبرية التي أجريت على الحيوانات والتي أظهرت سلامة هذه التجارب عند الحيوانات . واستعمال هذه الخلايا سهل المنال ، فهي مهيئة بإرادة الله لأن تكون عضلة في المستقبل .
ومن جهة أخرى ، أعلن الطبيب الفرنسي ( فيليب ميناشي ) نتائج دراسته التي قام بها على تسعة مرضى تم خلالها زراعة خلايا مأخوذة من العضلات أعلن عنها في المؤتمر الأمريكي لأمراض القلب الذي عقد في شهر نوفمبر ( تشرين الثاني ) عام 2001م ، وكانت النتائج مشجعه جداً .

ما هي الخلايا الجذعية
هي خلايا أولية تتكون في الجنين في اليوم الخامس إلى السابع من التلقيح ، وتتكون منها كل خلايا الجنين ، ولها القدرة على التحول إلى أي نوع من خلايا الجسم البالغة ( 220 ) نوعاً .
ومنها تتشكل كل الأعضاء والأنسجة ، وتبقى في جسم الإنسان مجموعة محدودة إلى مرحلة الإنسان البالغ ، حيث توجد في نخاع العظم بنسبة خلية جذعية من كل عشرة آلاف خلية .
ويأمل الباحثون أن يتم تحويل هذه الخلايا الجذعية إلى ما يحتاجه المريض من خلايا حسب مرضه ، فيمكن أن تتحول إلى خلايا كلى ، وبالتالي تعالج الفشل الكلوي ، أو خلايا الكبد فتعالج الفشل الكبدي ، أو خلايا قلب ، فتعالج فشل القلب .

من أين نحصل على الخلايا الجذعية ؟
يمكن الحصول على هذه الخلايا من :
1- الإنسان البالغ من نخاع العظم .
2- الحبل السري والمشيمة من المواليد حديثاً .
3- خلايا الأجنة الباكرة ، ويمكن الحصول عليها من أربع مصادر هي
- اللقائح الفائضة من مشاريع أطفال الأنابيب .
- الإجهاض أو السقط .
- الاستنساخ
- تلقيح بيضة من متبرعة بحيوان منوي من متبرع ، وتنمية اللقيحة حتى تصل إلى مرحلة معينة ، وعندها تؤخذ منها الخلايا الجذعية .
وقد تم فعلاً استخدام هذه الطرق الأربعة رغم اعتراض الكنيسة الكاثوليكية والبابا ومجموعات كبيرة من الأخلاقيين في الولايات المتحدة وأوروبا حتى إن الرئيس جورج بوش الإبن ، قد أوحى بأنه يمكن أن يوقف كل التمويل المالي لمثل تلك التجارب .
أما استخدام الخلايا الجذعية الموجودة في الإنسان البالغ لإصلاح عضو آخر فلا يعتقد أنها مثيرة للجدل من الناحية الأخلاقية والدينية ، لأنها تؤخذ من نفس الإنسان ، ولا يتوقع أن تسبب مشاكل " رفض الجسم المزروع " ، كما يحدث عند نقل عضو من إنسان لآخر .

أمل جديد لمرضى القلب
وعندما يصل الأمر إلى مرض شرايين القلب ، فإن شأن الوقاية مهم جداً لسببين
الأول : أنه عندما تموت عضلة القلب فمن غير المحتمل أن ينبعث فيها النشاط من جديد .
الثاني : أن موت خلايا القلب ما زال السبب الرئيسي لفشل القلب .
وعندما يموت جزء من عضلة القلب فإن على الجزء المتبقي أن يعمل بنشاط أكبر ، الأمر الذي يجعلها أكثر عرضة للمضاعفات .
ورغم أن التطورات التكنولوجية الحديثة في جراحة القلب ، كالقلب الاصطناعي ، والجهاز المساعد لبطين الأيسر ، رغم أنها اختراعات مثيرة في علاج اعتلال عضلة القلب مؤقتاً ، إلا أنها تحمل في طياتها مخاطر حدوث النزف والإنتان الجرثومي ، إضافة إلى أننا لا نعرف بالضبط حالياً فعاليتها على المدى الطويل .
ولهذا فإن العلاج المثالي لفشل القلب ربما يكون في زرع أنسجة قلبية طبيعية في الجزء المصاب من عضلة القلب .
ويوحي العديد من الدراسات إلى أن هذا الحل محتمل . ولكن زرع أنسجة جديدة في القلب يترافق بتحديات هامة ، فعضلة القلب تستعمل الكثير من الأكسجين ، الذي تؤمنه لها شبكة من الأوعية الدقيقة تدعى الشعيرات الدموية . والأمر الآخر هو أنه لكي تتقلص عضلة القلب ، ينبغي أن تكون الخلايا موضوعة ومرصوصة باتجاه خاص ، وتستقبل إشارات كهربائية متزامنة .
ولهذه الأسباب ( ولأسباب أخرى عديدة ) فإنه لا يبدو من المحتمل – على الأقل في الوقت القريب – زرع كتلة من أنسجة قلب طبيعي في منطقة ميتة من عضلة القلب .
وكنتيجة لهذا ، عمل الباحثون بفكرة حقن خلايا جديدة في المنطقة الميتة من القلب . وعندئذ ، تنظم هذه الخلايا ، وتصطف بطريقة صحيحة ، وتحصل على اتصالاتها الكهربائية وتوعيتها الدموية . ورغم أن هذا سهل على ما يبدو على الورق ، إلا أنه يحتاج إلى خلايا قلبية فعالة من ناحية التطبيق.

تعليم الخلايا القديمة وظائف جديدة
يفترض العلماء أنه يمكن لبعض الخلايا ( مثل الخلايا الجنينية الأولى ) أن تتطور إلى أنواع مختلفة من الخلايا .
ولكن حتى فترة قريبة جداً ، كان العلماء يعتقدون أنه ما إن يحين وقت الولادة حتى تكون معظم خلايا الإنسان قد صنفت وتخصصت في أعمالها ووظائفها . فخلايا كل عضو تعمل وظيفة ذلك العضو ولا آخر سواه .
والحقيقة أن الأبحاث العلمية في أمريكا على الخلايا الجينية ذات إشكالات كبيرة من الناحية الأخلاقية ، والآراء فيها متعارضة جداً بسبب ما يمكن أن تحدث من مشاكل . ولهذا يبدو أن الاستراتيجية العلاجية التي تعتمد على استخدام الخلايا الجنينية ، ربما تكون صعبة التطبيق ، أو ربما شبه مستحيلة – كما يقول الباحثون في جامعة هارفارد الأمريكية .
ولكن العلماء الآن يرفضون فكرة ( انتهاء تمايز الخلايا ) فكما نعلم فإنه في بعض الظروف ، تتحول بعض خلايا جذعية في نخاع العظم إلى خلايا من نوع آخر .
وقد قام الباحثون في جامعة نيويورك بعزل خلايا جذعية من نخاع العظم عند الفئران ، وحقنوها في قلوب فئران أخرى أحدث الباحثون فيها جلطة في القلب. فتكيفت هذه الخلايا المحقونة في وظيفتها لتصبح خلايا عضلية قلبية أو خلايا أوعية الدم .
وأظهرت نتائج هذه الدراسة التي نشرت في مجلة الطبيعة في شهر أبريل ( نيسان ) عام 2001م تحسناً في وظيفة عضلة القلب .
وليس نخاع العظم بالمصدر الوحيد لإصلاح خلايا القلب . فبعد أن أحدث الباحثون من جامعة ( بوسطن ) جلطة في القلب عند الفئران قاموا بحقن هذه الفئران بخلايا مأخوذة من عضلات ساق الفار . وبعد ستة أسابيع وجد الباحثون أن 29% من الخلايا المحقونة ظلت حية تمارس وظيفة عضلة القلب . وليس هذا فحسب ، بل إن وظيفة القلب عند الفئران الذين أحدثت عندهم جلطة في القلب قد تحسنت وتحسن أداؤهم الوظيفي وتحملهم للجهد .
وقد نشرت نتائج هذا البحث في مجلة الدورة الدموية الأمريكية الشهيرة في شهر أبريل ( نيسان ) عام 2001م وتوحي نتائج هذه التجارب بإمكانية تطبيقها على الإنسان ، واستخدامها في علاج المرضى المصابين بجلطة في القلب . وفعلاً قام الباحثون مثل الدكتور سترور – كما ذكرنا سابقاً – بإجراء أول دراسة من نوعها على الإنسان . ولكن لا نستطيع حتى الآن الجزم بأن الخلايا المزروعة سوف تحصل على التوصيلات الكهربائية الصحيحة في القلب أم لا . فحصول توصيلات كهربائية خاطئة ربما يفاقم مشاكل القلب بدلاً من أن يخففها .
ولا بد من إجراء بحوث مستفيضة في هذا المجال قبل تطبيقها على المستوى السريري في علاج المرضى . ومع ذلك فإن النتائج الأولية كانت مشجعة ، وربما تقهر الاعتقاد السائد الآن أننا لا نستطيع إصلاح العطب الحاصل في عضلة القلب
ولكن علينا دوماً ألا نجري لاهثين خلف تلك التجارب ، وننسى الحقيقة التي تقول : " إن أفضل طريقة لعلاج أي مرض هي تجنب الإصابة به " . فمهما كانت هذه التقنيات العلاجية مثيرة للغاية .. فإنها لن تتفوق أبداً على أهمية الالتزام بالغذاء الصحي ، وبالنشاط الرياضي المنتظم ، وبالتوقف عن التدخين . وإذا كنت مصاباً بمرض شرايين القلب ، فمن الحكمة أن تفعل كل شيء لتحفظ قلبك من خطر جديد ... !!!