غسالة الملابس الكهربائية .. وسيلة حديثة لنقل العدوى
«غسيل الجدة» في العصور السابقة باستخدام الماء الساخن يتفوق على الغسالة الإلكترونية، من ناحية تعقيم الملابس، وفقا لخبراء ألمان في الصحة.
إن كانت غسالة الملابس الحديثة قد تفوقت كثيرا على سابقاتها من ناحية حمايتها للبيئة واقتصادها في الطاقة وصرف الماء، ناهيكم عن تحرير الغسالة الإلكترونية للمرأة من شدة العمل في الغسيل بالماء البارد، وهو ما أهلها لنيل لقب «الاختراع الأول» الذي ساهم في تحرير المرأة من المطبخ وغرفة الغسيل، فإن الخبراء يعتقدون أن البرامج الاقتصادية في هذه الغسالات، التي تضمن نظافة الملابس بدرجات حرارة واطئة، تساهم في نقل عدوى عدد من الأمراض، وخصوصا الأمراض الجلدية.
ويقول عالم الجراثيم الألماني هيلموت موخا، من معهد هوهنشتاين في مدينة بوننغن، إنه حينما يحذر من خطر انتقال الجراثيم عبر الغسيل في برامج الغسالات الإلكترونية التي تستخدم درجة 30 مئوية فقط، فإنه لا يريد نشر «سيناريو» رعب، لأن برامج الحرارة المنخفضة تقتصد بالماء والطاقة، لكنها تقتصد أيضا بالقدرة على قتل الجراثيم.
بكتيريا مرضية
وأثبتت دراسات أجراها موخا أن بكتيريا مرضية مثل «ستافيلوكوكوس أوريوس» (المكورات العنقودية)، التي قد تسبب الإسهال أو التهابات الجلد، لا تقتلها البرامج الاقتصادية في الغسالات رغم المواد المعقمة التي تحتويها بعض مساحيق الغسيل.
ومقاومة البكتيريا المقاومة لأنواع المضادات الحيوية التقليدية أقوى بالطبع، ويكون خطرها مضاعفا عند استخدام البرامج الاقتصادية في العيادات والمستشفيات.
ويمكن أن تكون برامج الغسيل بدرجة 30 مئوية مسؤولة عن انتشار حالات الإسهال التي يسببها «نوروفيروس»، وهو فيروس معوي، معروف بمقاومته للحرارة والمضادات الحيوية، ولهذا فقد قام معهد روبرت كوخ، الحكومي الرسمي، بتكليف معهد هوهنشتاين بإجراء الفحوصات عن مدى تورط الفيروسات والبكتيريا الدائرة مع أسطوانة الغسيل في تدوير العدوى.
خطر الغسيل
كما كلف المعهد عددا من المؤسسات المماثلة للبحث عن مسحوق غسيل خاص لا يغسل الأقمشة وحسب، خصوصا في المستشفيات، وإنما يعقمها ويضمن حصول أفضل مزيج مطهر من الماء والصابون والمواد المعقمة وفي درجات حرارة واطئة، بين هذه المؤسسات معهد الأبحاث الجرثومية في جامعة فاغننغن الهولندية.
ويشير بول تيربسترا، من هذا المعهد، إلى أن الأبحاث التي أجراها على الغسيل بدرجة 30 مئوية وباستخدام مختلف مساحيق الغسيل، غير المحتوية على المواد القاصرة، تثبت أن الكثير من الجراثيم تتعدى حاجز التعقيم في هذه البرامج، بل إن الغسيل بدرجة 40 مئوية لا يغير الكثير من هذا الواقع.
وتستطيع بكتيريا ستفيلوكوكوس، والإنترو بكتيريا، العيش بسهولة في الملابس التي غسلت بمثل هذه البرامج، وتقل البكتيريا بنسبة 10 ـ 90% عند الغسيل بدرجة 60 مئوية، حسب نوع المواد المستخدمة في الغسيل، لكن الخطر لا ينتهي تماما.
وأخضعت جامعة ميونيخ التقنية أبحاث تيربسترا للفحص فوجد باحثوها أن معظم البكتيريا والفطريات تختفي من الملابس المغسولة بدرجة 60 مئوية. وأثبتوا أن «عث أسبرغيلوس» وفطريات «كانديدا البكانس» المعوية، التي يمكن أن تطلق نوبات الربو عند الذين يعانون منها، أنها طورت قوى مضادة للحرارة ومساحيق الغسيل.
وتكثر البكتيريا العضوية عادة في حفاضات الأطفال وملابسهم الداخلية، وفي المناشف المستخدمة في تجفيف اليدين والصحون في المطابخ، بينما تكثر الفطريات في الجوارب، ويمكن لهذه البكتيريا أن تتجمع في المياه القليلة التي تتبقى في الغسالة الإلكترونية بعد انتهاء الغسيل، وأن تشكل الخطر القادم لدفعة الغسيل القادمة.
نصائح لتقليل المخاطر
سبق لمعهد «بحث المخاطر على المستهلكين» أن نصح السكان منذ عام 2005 بضرورة غسل الملابس الداخلية والجوارب كل بشكل منفصل وبدرجة حرارة لا تقل عن 60 مئوية، كما نصح المعهد أيضا بغلي أو اعتماد درجة عالية في غسل قطع الأقمشة المستخدمة في تنظيف المطبخ والأرض والسطوح، وحذر من خطورة الماء المتبقي من هذا الغسيل على دفعة الملابس اللاحقة، إلا أن معظم السكان لم يتبعوا نصائح المعهد الذي دعا عمليا إلى «بسترة» الملابس، كما هو الحال في بسترة الحليب.
ونشر المعهد نصائح بعض الأطباء الألمان الذين اقترحوا تمرير الملابس الداخلية والجوارب بمرحلة إضافية تلي الغسيل وتركز على تعقيم الملابس باستخدام البخار أو الكي أو ما يشبه ذلك، ودعا الأطباء إلى تطوير برامج الغسالات الإلكترونية بحيث تشمل برامج التعقيم أيضا، فدرجة حرارة 30 مئوية لا تكفي لقتل الفطريات في الجوارب أو في ملابس النساء الداخلية.
وفي حين حذرت مجلة «ايكو ـ تيست»، المعروفة، من خطر بعض المواد المعقمة، واتهمتها بالتسبب في الحساسيات والربو، وطالبت باختراع معقمات جديدة غير ضارة بالإنسان والبيئة، دعت شركة «هينكل» (التي تنتج مسحوق «برسيل») العوائل، التي ليس فيها شخصا مريضا، بالاكتفاء بالغسيل بدرجة 40 مئوية، ودعا ديرك بوكمول، من «هينكل»، في حالة وجود حالة التهاب فطريات أو جلد في العائلة، بغسل ملابس كل فرد على حدة، واستخدام درجة 60 مئوية في غسل الجوارب والملابس الداخلية.
وقال بوكمول: إن المستهلكين ينسون دائما ضرورة فتح باب الغسالة وباب ملء الصابون تماما بعد الغسيل كي تتبخر المياه من جوف الغسالة ولا تركد فيه، ومن الضروري بين فترة وأخرى أن تشغل الغسالة الإلكترونية بلا ملابس وباستخدام المواد المعقمة القوية.