تقنية جديدة لمرضى القلب تحمل أسم "قلب برلين"
قد يغنى قلب برلين المريض عن مشكلة العثور على قلب متبرع وقد يغنيه حتى عن زراعة قلب.
كانت الوسيلة المعتمدة لمساعدة المريض المصاب بضعف عضلات القلب عندما تعجز العقاقير الطبية عن مساعدته، هي زراعة قلب انسان متبرع بوساطة عملية جراحية معقدة جدًا.
لكن الحصول ايضًا على متبرع يمنح هذا العضو الذي تكمن فيه الحياة امر مستحيل الا اذا ما توفي، لذا يموت العديد من المرضى خلال فترة انتظار شخص قد تعرض لحادث خطير ولم يعد هنا امل لعيشه.
الا ان اختراع تم في برلين سوف ينقذ الالاف في المستقبل، حتى ولو لاشهر عديدة او لسنوات قليلة. ففي عام 1999 تم في المركز الالماني لامراض القلب في برلين وللمرة الاولى في العالم اختراع جهاز جديد لحماية القلب اطلق عليها اسم مضخة Axial Fluss، وهذا الجهاز كان نتيجة جهود علماء في المانيا على مدى اكثر من اربعة عقود، وهو نسخة مطورة من جهاز طور عام 1994.
والجهاز الحالي عبارة عن توربين شكله مستدير، وله فتحتان متجهتان الى الاعلى تعدان بمثابة وصلتين لشرياني القلب والاخرى في الجانب تتصل بالبطارية التي تعمل على نظام De Bakey NASAVAD، يحمله معه المريض اينما ذهب.
وهو يخضع من ذلك الوقت وحتى اليوم للتجربة في المانيا واثبت نجاحًا ملموسًا في التخفيف من معاناة مرضى القلب واطالة اعمار بعضهم حتى الاربعة اعوام الى ان يعثر على متبرع بالقلب.
وبعد حصول المضخة على اجازة CA الاوروبية انتشر استخدامها في اوروبا ولم يعد محصورًا في المانيا. اذ تستخدم في الولايات المتحدة وكندا ايضًا.
وفي مطلع الالفية الثالثة وصل عدد الذين يحملون هذا الجهاز في المانيا الى 80 اطال اعمارهم اكثر من عامين، وعدد الذين يحملونه منذ عام 2005 يبلغ1000 كلهم يتمتعون حتى الان بوضع جيد ويمارسون الحياة العادية، وذلك بحسب قول بياتا شيلر الناطقة الصحفية باسم مستشفى مركز القلب الالماني في العاصمة برلين لايلاف.
فهذا المستشفى يشارك المركز الطبي لمعالجة امراض القلب في برلين وشركة Berlin Heart AG في التطوير ، الا ان الجهاز باهظ الثمن وهو السبب وراء قلة المرضى الذين يلجؤون اليه، حيث يصل الى نحو مائة الف يورو.
وفي حوار مع السيدة شيلر لمعرفة المزيد عن هذا الجهاز.
ما هي قصة " قلب برلين"؟
انها قصة طويلة ، وبدأت في الخمسينات وبالتحديد عام 1958 على يد البروفسور الالماني فرتيس ليندر في مستشفى شرلوتنبورغ ببرلين، حيث اخترع مع تقنيين طبيين مضخة زرعت في صدر مريض انقذت حياته لساعات عديدة.
وفي نفس العام وبعد ادخال تحسينات على المضخة اجرى البروفسور تجربة على مرضى كان وضعهم ميؤوس منه، بعد ان تعطل عمل القلب، فاستطاع اطالة اعمارهم لاكثر من عشر ساعات.
لذا كانت النتائج الحسنة حافزا له ليتابع البحوث من اجل ادخال تطوير يمكن المريض من البقاء على قيد الحياة مدة اطول.
وفي الستينات تابع البحوث البروفسور سبيستيان بوخرل مع مجموعة اطباء قلب وجراحين تمكنوا في منتصف الستينات من وضع الاسس الاولى لجهاز سمي يومذاك " الة القلب الرئة" حل مشكلة مرضى القلب بعض الشيء بمنحهم حياة لمدة ايام بل وحتى اشهر.
وفي السبعينات كللت جهود البروفسور رولند هتسر الطبية في اواخر السبعينات ومطلع الثمانيات باختراع جهاز اطلق عليه اسم " الجسر حتى زراعة قلب"، ولقد ذاع صيته في كل انحاء العالم بعد نجاح كل التجارب على القردة.
وفي الثمانينات، ومع تأسيس المركز الالماني لمعالجة امراض القلب في برلين تم في عام 1986 زرع اول"الجسر حتى زراعة القلب" لانسان فكللت العملية بالنجاح وعاش صاحبه اكثر من سنة.
ومن العمليات التي كتب الاعلام عنها زراعة البروفسور هتسر في شهر تموز( يوليو) عام 1987 جهازا لمريض ، اي انه استأصل قلب المريض وزرع مكانه جهاز" الجسر حتى زراعة قلب" فسجل بذلك او انجاز طبي حقيقي لان المريض عاش بهذا الجهاز لمدة ثلاثة اعوام.
ونتيجة كل التجارب والبحوث شهد عام 1994 ولادة " قلب برلين" وهو جهاز عبارة عن مضخة صنعها اطباء جراحون في المركز الالماني للقلب بالتعاون مع احدى الشركات المتخصصة بصناعة الاجهزة الطبية الدقيقة في برلين يعمل على اساس نظام VAD.
وفي نهاية عام 1996 تطور قلب برلين الذي سمى بعد ذلك Berlin Hearingcori،وذلك بعد ان طورت مضخته وتحسنت مواصفاتها العملية.
والملفت للنظر انه ومع كل تطور، كان وزن الجهاز ينخفض ويصغر حجمه بقصد توفير الراحة وحرية الحركة للمريض خاصة البطارية الملحقة به ويجب ان ترافقه لانها جزء فعال منه، اضافة الى الانابيب الخارجة منه.
لكن الانجاز الكبير تمثل في عدم زراعة كامل هذا الجهاز في صدر المريض بل اصبح بامكانه حمل جزء منه كالجعبة، كما خف وزنه مع البطارية ليصل الى 2 كلغ . ولقد وفر هذا التطور على المريض عملية جراحية معقدة جدا، ترافقها دائما مخاطر ومصاعب كثيرة.
ومن خلال عمليات التركيب الكثيرة التي قام بها المركز الالماني لامراض القلب في برلين في العديد من المدن الالمانية والعالم، اكتسب الجراحون واطباء القلب في المركز خبرة عالمية سمحت لهم بتحسين تقنية الجهاز بشكل يتناسب ايضا مع الاطفال والرضع المصابين بامراض القلب. وهو الوحيد في العالم اليوم الذي له هذه المواصفات، حتى انه اثبت امكانية مساعدة الاطفال المصابين بحالة Myokarditis.
وبدل اسم الجهاز بعد تطويره ليصح اسمه اليوم " نظام حماية القلب" او " قلب برلين" Incor.. وتم حتى الان اجراء 1000 عملية تركيب ناجحة في كل المانيا مما شجع على منحه اجازة اختراع كاول جهاز قلب الماني اوروبي اضافة الى الاجازة الاوروبي CA. وتمكن الاطباء عن طريق هذا الجهاز من انقاذ ثلاثة اطفال الى حين عثر لهم على قلب متبرع.
ومع ادخال مركز القلب في برلين عام 1998 نظامي العمل الاميركيين TCTوNOVACOR توفرت للمريض المستعين بالجهاز امكانية اكثر للتحرك والحياة المستقرة ، وهما عنصران اساسيان لاطالة عمره، واستعان الاطباء ايضا بجهاز نظام حماية القلب هذا لمساعدة المرضى الذين يعانون من اتساع شرايين القلب الذي يسبب ضخا للدم غير منتظم فكانت النتائج جيدة وايجابية جدا.
هل يمكننا الاطلاع على مميزات المضخة؟
ابرزمميزات هذه المضخة هو صغر حجمها مقارنة مع الاجهزة القديمة ، كما انها تستهلك قدرا اقل من الطاقة ولقد نجحت المساعي لاعتماد انظمة جديدة من اجل تطوير" قلب برلين" كي لا تبقى البطارية كبيرة الحجم وثقيلة الوزن ، وذلك عبر ايجاد مضخة اخرى اصبح الاطباء يستخدمونها الان بعد عدة تجارب.
وقد يتحول هذا الانجاز الطبي الى جهاز يستعين المريض به من اجل حل مشكلة العثور على قلب متبرع وقد يغنيه حتى عن زراعة قلب.
وتتألف المضخة من اجزاء صغيرة غير معقدة وانابيب توصل المضخة بالبطارية التي تبقى خارج جسم المريض.اضافة الى ان الوزن اصبح اقل من السابق ويريح المريض في تحركه.
وهذا يعني امكانية اوفر لان يصبح القلب المؤقت قلبا بديلا على شكل مضخة تحمي القلب الحقيقي للمريض عندما يتوقف عن العمل.
الى جانب ذلك فان تقنية هذا الجهاز اصبحت اقل تعقيدا لان تقنية تركيبه اسهل بكثير من السابق، واول فائدة للمريض من الناحية الجراحية الاستغناء عن فتح صدره كما كان الامر في السابق وبالتالي عدم احداث ندبة كبيرة جدا، اي لن تكون هناك حاجة الى عملية صعبة ومعقدة بل يقوم الجراح بعملية الوصل والتوصيل عبر المنظار.
كيف يقوم " قلب برلين" بعمله؟
يركب الجهاز داخل الصدر، ويعمل بهدوء على بطارية داخلية تشحن بواسطة بطاريات خارجية مثبته على الجسم، وتزرع في الجسم علبة الكترونية صغيرة تنظم عملية الضخ اوتوماتيكا بحسب الحاجة. ويكون مصدر الكهرباء الداخلي بطارية ليثيوم قوتها 20 فولت يمكن ان تمد القلب بالطاقة الكافية لمدة نصف ساعة ، اما مصدر الكهرباء الخارجي فهو بطارية ليثيوم تكفي لمدة حتى 8 ساعات.
ويمكن وصف المضخة بانها مدوار يسبح في حقل مغناطيسي ويدور عشرة الاف مرة في الدقيقة، ما يعني تدفق الدم الى القلب بشكل وكأن القلب هو الذي يعمل ويوفر الدم لكل الجسم.
ما طول المدة التي يجب ان يمضيها المريض في المستشفى بعد الزرع؟
بعد العملية يبقى المريض في المستشفى مدة اسبوع واحد او اسبوعين وذاك حسب وضعه الصحي فيما بعد. لكن عليه بعد ذلك وبشكل منتظم زيارة الطبيب المختص والذي يكون قد حصل على ملفه الكامل من المستشفى.
والجانب الايجابي ان القلب الاصلي يواصل عمله بواسطة المضخة فيستمر عمل الدورة الدموية والكلي ، ويوفر وزن المضخة القليل وصغر حجمها الحركة للاطفال ايضا اكثر من الاجهزة الاخرى وكل ما يجب ان يقوم به المريض هو شحن البطارية كل ست ساعات.