1 تموز ليلة لـ"كسر الشر" في احياءٍ بمدينة حلب
1 تموز ليلة لـ"كسر الشر" في احياءٍ بمدينة حلب
قام بعض سكان مدينة حلب بممارسة "طقس" إلقاء الأواني الزجاجية من الشرفات "لكسر الشر"وهي عادة لدى فئة كبيرة من سكان هذه المدينة ترتبط بمعتقدات بعض الناس إرتباطاً جذرياً كما وصفها البعض، فيما اعتبرها البعض الآخر" نوع من أنواع الخرافات المؤذية والتي لا معنى لها".
وبالرغم من تراجع شعبية هذه الظاهرة، الا أنها لا تزال تنعم بقيمتها وخاصة في المناطق الشعبية من المدينة التي تغدو شوارعها، بعد منتصف الليلة الأخيرة من شهر حزيران، وهو اليوم المعترف به "لكسر الشر"، مكب قطع وفتات الزجاج على أختلاف أنواعه وأحجامه، ما يولد قلق في صباح اليوم التالي لدى أصحاب السيارات الذين كثير ما تعرضوا الى "مشاكل في دواليب سيارتهم" على حد قول البعض منهم.
ولا يقتصر إنتشار هذه الظاهرة على الفئات العمرية الكبيرة، بل توارثها بعد الشباب على إختلاف مستوياتهم الثقافية.
"أوصي أولادي بتذكيري "
قالت صونيا، 48 سنة، ربة منزل وأم لثلاثة أولاد: "التزم بعادة كسر الشر منذ أن كان عمري 7 سنوات، حيث كننا نقوم أنا و أفراد عائلتي بكسر الزجاج كل على حدا، وكانت أمي تزودنا بالأواني أو الكاسات (المشحورة أو مكسورة الممسك)، وقد توارثت هذه الظاهرة واتابعها الى الآن ".
وقالت ميرنا، 23 سنة، طالبة جامعية: "أحب هذه العادة والتزم بها كل سنة تقريباً منذ أن كان عمري 10 سنوات تقريباً، ولكنني أدعوا في الوقت نفسه كل من يؤمن بها توخي الحذر لكي لا تقلب "كسر الشر" الى " الإبتلاء به".
وتوضح لنا ارشالويس، 71 سنةبانها "عادة قديمة جدا" وتقول "كان جميع سكان حارتنا في خان الزيتون ينتظرون هذا اليوم "لكسر الشر"، وكان الجميع يحرص على إختيار أواني سهلة الكسر لرميها أرضاً، لأن من يرمي الإناء ولا يكسرها، يلاحقه الشر على مدى السنة، أما الآن فلا مشكلة في ذلك لأن الأواني الحديثة تنكسر قبل وصولها الى الأرض".
"خرافات مؤذية" و"إثارة ومغامرة"
في المقابل كان هناك من عارض هذه الظاهرة بشدة، فقد أعرب عدد كبير من الناس عن خشيتهم من النزول الى الشارع في هذه الليلة لشعورهم بخطر وقلة أمان.
وبهذا الصدد قال حسن صاحب محل سمانة في منطقة الميدان: " عادة أغلق محلي الساعة 12:30 ليلاً، ولكنني البارحة أتضطررت الإنتظار حتى الساعة 2:00 فجراً لأضمن إنتهاء مراسم كسر الشر، كما انني أتجنب المجيئ بسيارتي في هذا اليوم خشية على دواليبها، علماً بأنه من الصعب أن تجد سيارة للأجرة في هذه الليلة وخاصة في الشوارع الفرعية".
وتحدثت لوسي، 23 سنة، طالبة جامعية، عن هذه الظاهرة قائلة: "بالرغم من عدم إيماني بهذه المعتقدات، الا أنني أحترم قناعة والدتي وتمسكها بهذه العادة، علماً أنني كنت أفرح عند كسري للزجاج وأنا صغيرة." وأضافت قائلة "لم أحاول تغيير هذه العادة لدى والدتي، التي تشعر بنوع من الراحة النفسية والتفاؤل بالمستقبل عند "كسرها للشر"، ولكنني أستطعت أن أقنعها بكسر الزجاج في زاوية الشرفة، تفادياً تعريض أي شخص للأذى، وهذا ما يجب على الجميع الإلتزام به حسب رأيي".
وروى أحد سكان منطقة الحمدانيةعن هذه الليلة لنا " كنت أسهر مع رفاقي في مطعم في منطقة السليمانية، عندما أوصاني أحدهم بأن أستعجل العودة الى المنزل قبل أن تحل منتصف الليل (كما في قصة ساندريللا)، حيث حذرني من عادة كسر الزجاج الذي كان غريباً بالنسبة لي، فأردت مشاهدتها، ولن أخفي أنني ارتعبت في البداية من منظر الزجاج الهاوي على الأرض من أبنية البلاكين، ولكنها كانت نوع من الإثارة والمغامرة بالنسبة لي، وانا مسرور الآن بتذكر ذلك".
موسم عمل
من جهة اخرى كان هناك مستفيد م ليلة "كسر الشر" حيث قال لنا عصام أحد عمال صيانة الدواليب (كومجي) في منطقة السليمانية: "يعتبر صباح 1 تموز يوم عمل لنا ولمركبي زجاج السيارات، لأننا نقوم بإستقبال الكثير من السيارات، وخاصة سيارات الأجرة التي لا يعلم أغلب سائقيها بهذه العادة فيقعون في مشكلة ثقب دواليبهم، ولكن هذه السنة لم يكن العمل كالأعوام السابقة، وأعتقد أن السبب هو المعالجة السريعة لحطام الزجاج من قبل عمل البلدية الذين كانوا نشيطين منذ الساعة الثانية فجراً".
وهذا ماأكده أحد سائقي الأجرة ويدعى عبد الله، حيث روى كيف أنه أضطر: "لتصليح دولابين لسيارته، لأنه مر بأحد الشوارع المعبأة بحطام الزجاج" دون علمه المسبق بهذه العادة.
مواقف وطرائف
وتروي ليناوهي تضحك من مشهد جيرانها "الذين اصطفوا 7 أفراد على البلكون وقام كل منهم بإلقاء قطعة زجاجية يتناسب حجمها مع عمر الملقي".
فيما يروي أحمد عن إستيقاظه من النوم نتيجة سماعه صوت قوي يشبه "دوي إنفجار" ليتبين لاحقاً أنه نتيجة رمي "جرة مخلل" مليئة بالخل الى الشارع".
ولكن ما حدث مع صونياكان الاطرف عندما اضطرت للنزول من الطابق الرابع السنة الماضية نتيجة لعدم تحطم فنجان القهوة التي قامت برميها "وهو لا يجوز لأن الشر يلازمك حتى تكسره".