قد يجد البعض في «نظرية» تقليل الوزن في أثناء النوم بعض الطرافة التي يمكن التندر بها في المجالس العامة، لكنه لن يستطع بالتأكيد التشكيك في جدوى البرامج الرياضية الافتراضية على «نينتدو» و«وي» التي تنتشر كالفطر على الأرض في يوم ماطر.
فهذه البرامج تتطلب الحركة والتركيز كأي رياضة أخرى، والسؤال المطروح من قبل العلماء هو ما إذا كان هذا النوع من الرياضة الافتراضية يمكن أن يصبح بديلا عن الرياضة الحقيقية، إذ يمكن لأفراد العائلة اليوم أن يتمتعوا بالتنافس في 12 لعبة رياضية في «وي» تمتد بين التنس والبولنغ والتزلج وكرة القدم.
وبعد أن كان لعب التنس الافتراضي، في غرفة الاستقبال، بحاجة إلى مضرب أو «ماوس» يشارك به اللاعب في اللعبة، صارت معظم هذه البرامج اليوم تستخدم جسم الإنسان أو يده أو قدمه أو أي عضو من جسمه للمشاركة في اللعبة.
ولا يمكن اليوم تصور استوديوهات الرياضة واللياقة البدنية دون «مشروبات الطاقة» التي تباع في هذه الاستوديوهات ويفترض أن تنمي قدرات ومطاولة هواة الرياضة.
فالدعايات التجارية يتضافر بعضها مع بعض في مختلف مجالات الحياة، وبين الرياضة والتغذية السليمة خصوصا، وصولا إلى أعماق جيوب المستهلك، وتصور على هذا الأساس أن هذه المشروبات هي التواصل المنطقي لتحقيق شعار «العقل السليم في الجسم السليم».
في محاولة لتسليط الضوء على فائدة هذا النوع من الرياضة، وهذا النوع من مشروبات القوة، أجرى العلماء الألمان عدة دراسات حديثة تعتبر رائدة في هذا المجال.
ولا يشكك علماء التغذية والرياضة في منافع هذه البدع التقنية الجديدة، لكنهم يحاولون تحرير الإنسان من بيته ومن شاشة تلفزيونه وكومبيوتره، وإعادته إلى الطبيعة حيث يكفي النسيم العليل والهواء النقي لتعويضه عن عشرات المشروبات، وحيث تكفي الهرولة بين الأشجار لتمتين مناعة ولياقة الجسد البشري.
انصبّ اهتمام البروفيسور كلاوس فولكر، من جامعة ايسن (غرب) في الفترة الأخيرة على المقارنة بين فوائد الرياضة الافتراضية ومقارنتها بالرياضة الحقيقية.
واختار البروفيسور، المتخصص في الصحة الرياضية، 40 طالبا وطالبة من أكاديمية ايسن الرياضية ليجري التجارب عليهم.
ووصف فولكر نتائج المقارنة بالقول إن الرياضة أمام الشاشة لا يمكن أن ترتقي إلى الرياضة الحقيقة ولا أن تعوض عنها.
واختار الباحث المتطوعين من الجنسين بالتساوي، ومن فئة غير الممارسين للرياضة والمبتدئين على رياضة الكومبيوتر.
وقارن فولكر النتائج مع نتائج مجموعة أخرى مماثلة مارسوا الرياضة الاعتيادية بنفس الشدة التي مارسها الفريق الأول (أمام الشاشة)، ثم تبارى أفراد المجموعتين في عدة سباقات، بينها الملاكمة والتنس والألعاب الرباعية التي ضمت الركض والسباحة بمسافات مختلفة.
ويقول البروفيسور فولكر إن أفراد مجموعة الرياضة الافتراضية لم يملكوا أي فرصة للفوز ضد ممارسي الرياضة الحقيقية.
وعمل فريق الباحثين، المؤلف من 5 أفراد، في ذات الوقت على قياس الكثير من المؤشرات الجسدية التي تمتد بين سرعة نبض القلب، ونسبة اللاكتوز في الدم، وسرعة التنفس.. الخ، وقارنوا النتائج أيضا بين الطلاب من المجموعتين ثم قارنوا بينها حسب «مقياس بورج» المعروف عالميا في تقييم قدرات جهاز القلب والدورة الدموية وجهاز التنفس والقدرات الرياضية، فتوصلوا إلى أن النتائج المتوخاة من الرياضة الافتراضية لم ترتفع إلى المستوى المطلوب.
وذكر فولكر أن رياضيي الكومبيوتر لم يصلوا إلى المستوى الذي يتطلبه التمرين وخصوصا في الملاكمة.
وسأل الباحثون الطلاب عن رأيهم في ما حققوه من خلال الرياضة الافتراضية فكانت الإجابات سلبية وتنطبق مع النتائج التي كشفت عنها معايير بورج.
من ناحية أخرى لاحظ الباحثون، والطلاب أيضا، أن أجهزة الاستشعار الإلكترونية التي تقيس نبض القلب والتنفس في أفضل الأجهزة الرياضية الكومبيوترية، تعطي إشارة الخطر قبل حينها وتدفع الرياضي لا شعوريا لتقليل سرعته وقوته. ويؤدي هذا بمرور الوقت إلى عرقلة تقدم الرياضي أو تباطؤ كفاءته الرياضية.
وأعطى فولكر صورة طريفة عما يجري في أثناء التمرين على الألعاب الرياضية الإلكترونية حينما قال: «إن اللاعبين في الرياضة الافتراضية يتدربون معا ولكنهم لا ينافس بعضهم بعضا كما تتطلب المسابقات الرياضية».
النتيجة حسب فولكر هي أن الرياضة الافتراضية تفيد الممارس العادي في تحسين حركته والخروج عن الحياة الراكدة، لكنها لن ترضي الرياضي الطموح ولا تعوضه عن الممارسة الحقيقية للرياضة.
وينصح حتى موظفي المكاتب القليلي الحركة بممارسة الرياضة في الهواء الطلق عوضا عن ممارستها في الغرف أمام الشاشة.
وواقع الحال أن الألعاب الرياضية الكومبيوترية أثبتت كفاءة في إعادة تأهيل المرضى وتحسين حالة المسنين وذاكرتهم ضد مرض الزهايمر، وفي تقوية عضلات المعوقين والمشلولين وما إلى ذلك، لكنها لا تصلح للتعويض عن ممارسة الرياضة الحقيقية.
واستخدم الباحث كريستيان فون ديشنر، المختص بالتربية البدينة والاجتماعية، برامج «وي» الوقائية بنجاح لتحسين تركيز المسنين وتقوية عضلاتهم وتحسن حياتهم اليومية عموما، وبعد نجاحه مع المسنين في دار «باد دورهام» صار فون ديشنر يقيم المسابقات بين المسنين من ممارسي الرياضة الافتراضية، من عدة دور للعجزة مرة كل ثلاثة أشهر.
وجعل الباحث المسنين في «باد روهام» يمارسون الرياضة أمام الشاشة يوميا لمدة ساعة، ويقول إنه وجد «متحمسين» كثيرين للوقوف أمام الشاشة واللعب بتركيز بلعبة التنس وقيادة السيارات.
ومع ازدياد الوعي الاجتماعي تضاعف اهتمام الناس بلياقتهم، وامتداد موجة مكافحة البدانة على المستوى العالمي، ارتفع أيضا استهلاك المواد الغذائية الوظيفية «Fuctional» التي يفترض أن تزود هذا الإنسان بما يحتاجه من أكسجين ومواد معدنية تقوي مناعته وترفع كفاءته البدنية والعقلية.
وأجرى معهد «فورسا» الألماني بحثا بتكليف من اتحاد شركات التأمين الصحي، يشي بأن 33% من الألمان يتغذون على مثل هذه المواد، وترتفع هذه النسبة إلى 50% بين الشباب تحت سن 30 سنة مع ميل واضح للارتفاع مجددا.
وتحتوي هذه المشروبات والأغذية على الأكسجين والكالسيوم والفوسفات ويفترض أن تعزز المناعة، وتقوي العظام، وتطيل عمر الخلايا.. إلخ، وهي في ذات الوقت «خالية» من الكولسترول، قليلة الدسم، مشحونة بالفيتامينات والمواد المضادة للالتهابات.. إلخ.
والمشكلة، حسب نتائج بحث معهد فورسا، أن 6% من هواة تعاطي هذه المواد فقط يعتقدون فعلا بفائدة مثل هذه المواد.
وتميل الباحثة زيلكه فيلمز، من اتحاد شركات التأمين، إلى تفسير هذا التناقض على أساس الدعاية والإعلان التي تروّج لبيع مثل هذه المواد.
وراجت سلعة المياه المؤكسجة في ألمانيا خلال السنوات العشر الماضية، وخصوصا بين الرياضيين، وحققت الشركات المنتجة أرباحا طائلة.
ويقول أحد ممثلي الشركات إن شركته تنتج 10 ملايين لتر من المياه المؤكسجة في العام، ويشير آخر إلى أن شركته تطرح في السوق نحو 15 مليون لتر سنويا.
ويبدي الأطباء الألمان شكوكهم، ليس بجدوى هذا الفائض الأكسجيني وإنما تجاه الدعاية التي تروج لخلو هذه المياه من الأعراض الجانبية.
ويقول البروفيسور بيتر شيبرله، من المعهد الألماني لكيمياء المواد الغذائية: «لماذا يتناول الإنسان الأكسجين عبر الماء إذا كان بوسعه أن يناله بأكثر من 1000 ضعف من الهواء مجانا؟»، إضافة إلى ذلك فإن نسبة الـ«PH» في المعدة لا تسمح للأكسجين بالبقاء طويلا في المعدة.
وتؤكد زيلكه فيلمز أن استنشاق الهواء النقي يعوض عن عشرات الزجاجات من المياه المؤكسجة، لأن شركات تعبئة المياه المؤكسجة ترفع نسبة الأكسجين في الماء من 2 ملغم للتر إلى 75 ملم، وهذا شيء تافه مقارنة بأكسجين الهواء.
وحذرت الباحثة من الإكثار من المواد المعدنية في التغذية لأن المبالغة بتعاطي فيتامين إي مثلا يمكن أن يؤدي على المدى البعيد إلى تنخر العظام، ويكون الخطر شديدا على الحوامل.
الأفضل حسب رأيها تغذية طبيعية من وجبات الأكل المتوازنة من ناحية البروتين والسكريات والفيتامينات والكثير الكثير من الحركة والهواء النقي الذي ينفع العظام أكثر من مستحضرات الكالسيوم والفوسفات.