صناعة الصابون الحلبي.. حكاية الأقدمين
صناعة الصابون الحلبي.. حكاية الأقدمين
https://esyria.sy/sites/images/aleppo...2_06_46_39.jpg صابون الغار هو الاسم الذي أطلق على الصابون المصنوع يدوياً من زيت الزيتون وزيت الغار وهو أحد أهم المنتجات السورية الأصيلة التي وجدت في مدينة حلب منذ القدم لذلك عرف عالمياً باسم صابون "حلب". https://esyria.sy/sites/images/aleppo..._39.image2.jpg وقد ارتبطت صناعة الصابون بالمدينة منذ أن امتهنها أهلها قديماً، ويعود عمر هذه الصناعة في حلب إلى حوالي /1200/ سنة وهي بذلك قد صنّفت من بين الصناعات الأثرية. الحاج "عبد البديع زنابيلي" صاحب مصبنة وقد توارث عمله عن الأجداد حدثنا عن تاريخ مصبنته بالقول: «تعود إلى حوالي /1000 ـ 1200/ سنة، ومازلت أذكر تلك المصبنة التي يعود تاريخها إلى /800/ سنة، فكانت موجودة في منطقة المارستان في محلة "الجلّوم" باتجاه باب "قنسرين"، فأولى المصابن في حلب لا تزال حتى الآن وهي موجودة إلى جانب جامع "العثمانية" وأمامه وأخرى تتوضع بجانب جامع "الحموي" في محلة "البياضة" وأخرى بحارة "الباشا" وتسمى بمصبنة "الخلاصي" وتوجد أيضاً مصبنة "الريش" في محلة "بانقوسا"، وسبب اشتهار مدينة "حلب" بصناعة الصابون يعود لتوافر المواد الأولية في إنتاجها». https://esyria.sy/sites/images/aleppo..._39.image3.jpg صناعة الصابون القديم اختلفت عن الحاضر بإضافة مادة الصودا (الكوستيك) عوضاً عن "القلى" عن ذلك يتابع الحاج "عبد البديع": «وهي عبارة عن مادة تستخرج من ملح الطعام، وأما "القلى" فهي نبات حشيشي ينمو في البادية، وجاء هذا التغيير لسرعة إنجاز الخلطة بثلاثة أيام، فقديما كانت تنجز في أسبوع وبذلك تم اختصار المدة إلى النصف، مادة "الصودا" تضر بالجسم إذا ما زادت كميتها عن المطلوب فتؤدي إلى عدم تماسك قطعة الصابون نفسها، أما باقي المكونات فهي نفسها، زيت الزيتون" و"زيت الغار"ـ حبة الغارـ وأخيراً "الكلس"، زيت الغار لا يستخرج عن طريق العصر وإنما من خلال الحبة عن طريق الغليان فيطفو الزيت على السطح، وبعض الناس يستعملونه لدهن مناطق الإصابات بالروماتيزم والبعض الآخر يقوم بمزجه بمادة الكحول الطبي (سبيرتو) ومنهم من يفضلونه كزيت للشعر لكي يصبح ملمسه ناعماً طرياً». مراحل الصناعة السيد "عدنان الفهد" من صنّاع مادة الصابون يصف مراحل عملية صناعة الصابون بقوله: «نضع سبعة براميل من الماء في قعر الخلاط ويسمى "بالكعكة" وهي عبارة عن تجويف دائري حتى لا يلتصق الزيت المسكوب بالتجويف النحاسي مع حرصنا على إشعال النار من تحت الخلاط وبعدها نضيف /700/ كيلو غرام من مادة "الصودا" ممزوجة بأربعة براميل من الماء المصفى من الشوائب وهو موجود بخزانات منفصلة، وبعدها تبدأ عملية تسخين الماء في الخلاط حينها يتم إضافة مادة الزيت ومادة الكوستيك الحاج عبد البديع زنابيلي "الصودا" وتأتي تلك العملية ممزوجة مع الزيت لأنه يعطي شيئاً من البرودة والذي يساهم في الإقلال الحاج عبد البديع زنابيلي من فوران مادة الصودا حينما تسكب على نار ساخنة، وكل هذه العملية تأتي مع دوران الخلاط حتى يتم امتزاج العناصر المضافة وبنار موقدة تصل درجة حرارتها إلى /200/ درجة مئوية، وتبقى تلك العملية إلى حوالي النصف ساعة من ذلك وبعدها يتم إيقاف حركة دوران الخلاط ويسحب الماء المتواجد في أسفل الخلاط بسبب عدم امتزاجه مع الزيت ولكون الماء أثقل وزناً من الزيت، وتستمر تلك العملية حتى يتبيّن لنا خروج الزيت فعندها نوقف تلك العملية وبذلك تم سحب الماء المسكوب من تلك الخلطة، ومع حرصنا على بقاء الماء في تجويف قعر الخلاط "الكعكة" والذي لا يتم سحبه أثناء عملية الشفط لكون تلك العملية أعلى من مستوى "الكعكة". بعدها نقوم بإشعال النار مرة ثانية لكي تمتد الحرارة إلى كامل أجزاء تلك الخلطة ثم ندير الخلاط لمدة سبعة دقائق ثم نوقف تلك العملية مرة ثانية وبعد برهة نعيد تكرار العملية السابقة وتأتي تلك العمليات الثلاثة من أجل مزج الزيت بالصودا وأثناء تلك المرحلة نقوم بسكب الماء الذي تم استخراجه في المرحلة الأولى من خلال عملية الشفط وعملية سكب الماء للمرة الثانية تأتي لكي يتم القضاء على الزيت نهائياً متحولاً بذلك إلى مادة الصابون وتستمر تلك العملية لمدة عشرة دقائق مع الدوران وبعدها تتم عملية سحب الماء كما جرت في المرحلة الأولى، ولكنها بكمية اقل من سابقتها لأن الزيت قد استهلك كمية معينة من الماء. أما في اليوم الثالث وقبل البدء بعملية إشعال النار والدوران نسحب الماء المضاف إليها إلى أن نلحظ وجود مادة الصابون في الماء فعندها نوقف عملية الشفط، في المرحلة الأولى تم إيقاف شفط الماء حينما نرى مادة الزيت وأما في اليوم الثالث أوقفنا شفط الماء لأننا رأينا مادة الصابون، وبذلك تحول الزيت المضاف إلى مادة الصابون، ففي كل مرة يتم فيها إشعال للنار بشكل هادئ ولمدة 7 ـ 10 دقائق مع الدوران طبعاً. وتبلغ مراحل إنتاج خلطة الصابون تسعة مراحل مقسمة على ثلاثة أيام، في كل يوم نعيد تلك المراحل ثلاثة مرات وحين يتم تجهيز الخلطة نرش الماء على وجه الخلطة مع الدوران لمدة 4ـ5 دقائق وبعدها نتذوق الخلطة فإن كان طعمها له نوع من الحرقة نضيف إليها ماء للمرة الثانية حتى يصبح طعمها حلواً، لأن الحرقة تأتي من مادة الخلاط لمزج المكونات الصودا "الكوستيك" وبعد الخلاط لمزج المكونات ذلك ندعها تدور لمدة ساعة ونصف على الأكثر، ففي اليوم الرابع تكون الخلطة قد انتهت تماماً وتبدأ عملية الشفط من خلال خرطوم يوصلها إلى مكان النشر والتجفيف وتترك يوماً كاملاً وهذا يكون في فصل الشتاء طبعاً». عملية التقطيع والتجفيف «من بعد تماسك الخلطة نقف عليها من خلال آلة تسمى "بالجوزة" ليتم تقطيعها طولياً في بادئ الأمر ومن ثم عرضياً فبذلك نحصل على شكل المربع الذي نراه على قطعة الصابون ثم تأتي عملية دق ختم الشركة وهذا الأمر يجري بشكل يدوي، وبعدها باليوم التالي تأتي عملية "البيبار" وهي عملية صف قطع الصابون فإذا كانت القاعدة تحتوي على عشر قطع فالصف الذي يبنى فوقها يحتوي على تسع قطع وهكذا ومن ثم يترك على هذا الحال لمدة تسعة أشهر حتى تكتمل عملية التجفيف، فمقياس الخلطة مكون من /24/ برميلاً». واختتم قائلاً: «أفضل الخلطات مكونة من /16/ برميل غار و/16/ برميل زيت وأدناها مكون من برميل غار و/25/ برميل زيت». أنواع الصابون وجودته وأشار السيد "عبد البديع" إلى أن: «أفضل الصابون على الإطلاق ممن يتكون من مواد طبيعية دون إضافة أية مواد صناعية من رائحة ولون شبيهان بالغار الطبيعي، فالأشهر التسعة من بعد الإنتاج كافية لتأمين جفافه بشكل جيد لكي يصبح أكثر تماسكاً بجودة جيدة، فتلك المدة تساعد على جفاف الماء منه والتي تشكل 20% من مكوناته الأساسية، وهناك "البلدي" وهو نوع آخر من الصابون لم يدخل في تركيبه "زيت الغار"، بسبب تفضيل بعض الناس له». أوقات مدة العمل أوضح السيد "عبد البديع" سبب اختلاف لون الصابون: «نرى أحياناً لونه أصفر والآخر أخضر وهذا عائد بسبب تأثر- تأكسد- الصابون مع العوامل الجوية المحيطة به سواء بالصيف أو الشتاء، فحينما نرى اللون الأصفر فهو يعني إلى قدم إنتاجه والأخضر دليل على حداثته. فالإنتاج يبدأ مع بداية شهر كانون الأول ويستمر لغاية أوائل شهر نيسان أي حينما يأتي فصل الصيف يتوقف عملنا لأن خلطة الصابون لا تحقق أي جفاف في الصيف». ومن المعلوم بأن العراقيون هم الشعب الأكثر استخداماً للصابون الحلبي منذ القديم وحتى الآن وقد أطلقوا عليه تسمية صابون "الركة"، فعدد المصابن في حلب يمكن لها مكان التجفيف "ترتيب البيبار" أن تغطي الاستهلاك المحلي بقدر كاف ويوجد الآن بعض المصابن الحديثة التي عملت على إنتاج مادة الصابون في مكان التجفيف "ترتيب البيبار" فصل الصيف من خلال إدخال تقنيات جديدة في إنتاجه، وأحياناً نقوم بإعادة تصنيعه من خلال تقطيعه- بشره- وخلطه ووضعه تحت آلة المكبس حتى يتم تجميع أجزائه مع بعضه بعضاً من خلال الماء الذي نضيفه لتلك الخلطة لكي يتم مزجه بشكل جيد ونقوم بتحديد الشكل المراد إخراجه فمنه مستطيل الشكل والآخر المربع على حسب كمية الإنتاج التي تطلب. وقد حضرنا عدة معارض منها أقيم في فرنسا مؤخراً ومنذ فترة حضر التلفاز الإيطالي وقد قام بعملية تصوير مراحل لإنتاج الصابون لمدة يومين على التوالي». المهندس الزراعي "محمد أبيض" تحدث لنا وشرح فوائد الغار وزيته بالقول: «من فوائد صابون الغار تقوية بصلة الشعر بسبب غناه بالزيت الطبيعي. وأهم مركبات الزيت السينيول والفاتير وحمض العفص وهلام ومواد راتنجية، فأوراقه تستخدم كمنكهة وضد مشاكل الجهاز الهضمي والتهابات المفاصل ومقوّ للمعدة وتزيد من إفرازات العصارات الهضمية حين وضعها مع الغذاء |
الساعة الآن 02:06 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمركز أسنانكَ الدولي - turkya