مَن رافق كريستوفر كولومبوس؟ الإجابة في أسنان بحّارة!
https://www.aljarida.com/AlJarida/Res...mbus_small.jpgكريستوفر كولومبوس
مَن رافق كريستوفر كولومبوس؟ الإجابة في أسنان بحّارة! ماري ليدرسن تأسست أول بلدة خُطط لإنشائها في العالم الجديد (قارة أميركا) في عام 1494، حين استقر نحو 1200 شخص من طاقم كريستوفر كولومبوس، الذي رافقه في رحلته الثانية إلى الأميركيتين على متن 17 سفينة، في الساحل الشمالي لما بات يُعرف اليوم بجمهورية الدومنيكان. بسبب كثرة أعمال التمرّد وسوء الإدارة والأعاصير والأمراض آنذاك، لم تدُم مستعمرة لاإيزابيلا سوى أربعة أعوام. وبقيت خرائبها على حالها إلى خمسينات القرن العشرين، حين أساء مسؤول محلي، حسبما يُقال، تنفيذ أمر الحاكم المستبد رافائيل تروخييو تنظيف الموقع تمهيداً لزيارة مسؤولين بارزين. فجرف معظم الموقع إلى البحر. ولم يبقَ من المستعمرة إلا القليل. لكن الهياكل العظمية تحت الأرض في مقبرة الكنيسة ظلّت على حالها حتى بدأت أعمال التنقيب في عام 1983. خلال السنوات الأخيرة، كشفت دراسات كيماوية للهياكل العظمية، خصوصاً أسنانها، معلومات جديدة عن أصول طاقم كولومبوس وحياته. وتلمح الدراسة إلى أن الطاقم ضمّ أفارقة سوداً وأحراراً، وصلوا إلى العالم الجديد قبل نحو عقد من بداية تجارة الرقيق. لم تكن لاإيزابيلا المستعمرة الأولى التي أنشأها كولومبوس. عندما انحرفت سفينة سانتا ماريا إلى اليابسة قبالة جزيرة هيسبانيولا في البحر الكاريبي عشية عيد الميلاد في عام 1492 خلال رحلة كولومبوس الأولى، بنى البحارة الـ39 المحتجزين حصناً منحوه الاسم لانيفادا. وعندما عاد مُكتشف العالم الجديد في السنة التالية، كان الحصن قد أُحرق وأفراد الطاقم قتلوا. تحليل النظائر بدأت دراسة لاإيزابيلا خلال الإعداد لمشروع في شبه جزيرة يوكاتان المكسيكية، حيث فوجئ الباحثون في عام 2000 بالعثور على رفات أفارقة من غرب أفريقيا بين جثث في كنيسة تعود إلى القرن السادس عشر في ولاية كامبيتشي. فطلبت فيرا تيسلر وأندريا كوشينا من جامعة يوكاتان المستقلة من دوغلاس برايس، مدير مخبتر كيماوي متخصص في علم الأثار في جامعة وسكنسون بماديسون، القيام بتحليل نظائري (Isotopes) لأسنان الهياكل. النظائر أشكال مختلفة من العنصر، أي ذرات لها ثقل جزيئي مغاير يستند إلى مدى التغيير الذي شهده عدد النوترونات. ويخزن جسم الإنسان، وفق نمطه الغذائي وإمداده بالمياه، نظائر محددة بمعدلات مختلفة في ميناء الأسنان خلال مراحل العمر الأولى. وتبقى المعدلات ثابتة نسبياً طوال الحياة. تُظهر معدلات نظائر السترونتيوم، مثلاً، ما إذا كان المرء قد نشأ في منطقة تقوم على طبقة صخرية قديمة، كغرب أفريقيا، أو طبقة جديدة، كأميركا اللاتينية. ويعود ذلك إلى أن الصخور القديمة تحتوي على معدلات أكبر من السترونتيوم 87 مقارنة بالسترونتيوم 86. أما معدلات نظائر الكربون في الأسنان فتعكس الطعام الذي تناوله المرء. مثلاً، يؤدي نمط غذاء غني بالذرة وغيرها من نباتات استوائية إلى معدلات أكبر من الكربون 13، فيما تزيد الحبوب مثل الشعير والقمح من معدلات الكربون 12. وقد حظي الأوروبيون الذين عاشوا في عهد كولومبوس بنسب منخفضة من الكربون 13 في أسنانهم، بينما تمتع المكسيكيون بنسب أكبر بكثير من هذا النظير. أمّا سكان هيسبانيولا الأصليون والكثير من أفارقة اعتادوا تناول غذاء خليط حسبما يُعتقد، فيصنفون في الوسط بين الفئتين السابقتين. يوضح العالم جيمس بورتون، المتخصص في الكيمياء الأثرية: «يملك المكسيكيون معدلات مرتفعة جداً من الكربون 13. أما الأفارقة فيتمتعون بمعدلات متوسطة، وتنخفض الأخيرة بين الأوروبيين. وإذا تناول سكان هيسبانيولا غذاء مختلطاً، نبات المنيهوت مع الذرة، يصعب تمييزهم عن الأفارقة». يحلل العلماء أيضاً تركيبة الأوكسيجين في الأسنان. تختلف نظائر الأوكسيجين في المياه باختلاف المناخات، إذ تولّد الدافئة منها مياه «مثقلة بالأوكسيجين» (أوكسيجين 18)، فيما تتمتع مياه المناطق الأكثر برودة بمعدلات أوكسيجين أقل (أوكسيجين 16). ويعزى ذلك إلى واقع أن تبخّر المياه المثقلة بالأوكسيجين من المحيط إلى الجو يتطلّب طاقة أكبر (حرارة). لكن مع ازدياد الارتفاع عن سطح البحر والبعد عن المحيط، تنخفض معدلات الأوكسيجين في المياه نسبياً. أفارقة أم إسبان؟ بالاستناد إلى التحليلات، يؤكد العلماء وجود أفارقة بين من عُثر على رفاتهم في مقبرة كامبيتشي. وثمة احتمال كبير بوجود ثلاثة أفارقة في لاإيزابيلا أيضاً، لكن بورتون يحذّر من التسرّع في حسم المسألة، قائلاً: «صحيح أنهم يشبهون الأفارقة، لكن لا يسعنا الجزم بأنهم ليسوا أسباناً، لا سيما أننا لا نملك تحليلاً كافياً للاختلافات في معدلات النظائر بين الأسبان وسكان المنطقة المحليين». لذلك يعمل الفريق على تحليل عظام وأظافر وأسنان (إذا توافرت) من أسبانيا وهيسبانيولا، والمقارنة بينها. كذلك تخضع الهياكل العظمية لتحليل حمضها النووي، لكن بعد عمليات التنقيب وسنوات من التحزين والأبحاث، يرجّح أن تكون قد تلوثت على نحو كبير بحمض نووي من مصادر أخرى. ويأمل العلماء من خلال مقارنة الاكتشافات الخاصة بالهياكل العظيمة وسجلات السفن، بتحديد المنطقة التي أتى منها أفراد الطاقم الأسباني. يشير الباحثون إلى أن العظام والأسنان والحمض النووي لا تُقدم أي إدلة عمّا إذا كان المرء «عبداً» أو حراً. ومن المعروف أن كولوكبوس كان يسافر برفقة {عبد}. لكن، ربما اشتمل الطاقم على أفارقة انضموا إليه من جزر الكناري أو كانوا مهاجرين أفارقة إلى أسبانيا. بدورها، تؤكد عالمة الآثار كاثلين ديغان (أصدرت كتابين عن لاإيزابيلا): «كان المؤرخون الأسبان يعرفون إلى حد كبير المشاركين في البعثة. في تلك الفترة تواجد خدم (أفارقة) في البيوت. لكن فريق البعثة لم يُحضر معه عبيداً أفارقة، رغم أن البعثات الباكرة ضمّت بحارة وجنوداً مشاة أفارقة وغيرهم». https://www.aljarida.com/AlJarida/Res...13130_1-20.jpg |
الساعة الآن 03:35 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.4
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لمركز أسنانكَ الدولي - turkya