هــرمـــون الـــذكـــورة وصـــحـــة الـرجل
د.وائل زهدي
أثبت الطب الحديث اعتماد صحة الرجل بشكل عام على وجود نسبة طبيعية به من الهرمونات بالجسم و من أهمها هرمون الذكورة (Testosterone) بما له من تأثيرات مباشرة على صحة الرجل الجنسية و تأثير الرغبة و الصحة العامة.
و المصدر الرئيسي لهرمون الذكورة في جسم الرجل هو الخصيتين و يبدأ إفرازهما لهذا الهرمون مبكرا في بداية مراحل تكون الجنين و تحديد الجنس و بعد عملية البلوغ يزداد مستوى هرمون الذكورة مرة أخرى لتظهر علامات الذكورة الثانوية و علامات البلوغ. و من المعروف طبيا أن خصية الرجل الطبيعي تصنع من 6 إلى 7 مجم من هرمون الذكورة يوميا. و هو له العديد من الوظائف الحيوية منها ما هو له علاقة بالصحة الإنجابية و الجنسية و منها ما له علاقة بالصحة العامة و الناحية المزاجية.
*هناك نقص تدريجي في مستوى هرمون الذكورة في الرجال الأصحاء حيث ينخفض هرمون الذكورة بنسبة 30% في الرجال الأصحاء من سن 25 عاما إلى 75 عاما تدريجيا.
دور هرمون الذكورة و صحة الرجل:
تشير الأبحاث الطبية أن الخصية الطبيعية للرجل البالغ الطبيعي تصنع يوميا حيامن في حدود 100 مليون حيوان منوي يوميا كما أنها تصنع في نفس الوقت من 6-7 مجم هرمون ذكورة يوميا. و هذه الوظائف الحيوية تحت سيطرة و تنظيم الهرمونات الصادرة من الغدة النخامية (FSH)(LH) أساسا بالإضافة إلى بعض الهرمونات الأخرى مثل هرمون النمو GH.
بالإضافة إلى ذلك فإن هرمون الذكورة له دور رئيسي على الجهاز العصبي فهو مهم للإحساس بالرغبة الجنسية و الإحساس بالطموح و الرضى و نقصه قد يؤدي للشعور بالضيق و الاكتئاب أحيانا. و هو مهم للكبد و النخاع حيث له دور في تصنيع كرات الدم الحمراء و لذلك قد يستخدم أيضا كعلاج مساعد للأنيميا و له دور في عملية التمثيل الغذائي و بناء العضلات و الأنسجة و لذلك يستخدمه بعض الرياضيين أملا في بناء الأجسام و بناء العضلات و لذلك فإن مستوى هرمون الذكورة في الدورة الدموية يكون مرتفعا في الصباح عن الليل كي يساعد الرجل في يومه و نشاطه كما أن له دور هام للغاية في بناء العظام و نقصه قد يؤدي للإصابة بهشاشة العظام و هو مهم أيضا للجلد و لإفراز الغدد الدهنية بالجلد و كذلك جميع وظائف الجسم الحيوية.
و لكن هل يظل مستوى الهرمونات مدى الحياة أم يتأثر بعوامل أخرى؟ في الحقيقة لقد بينت جميع البحوث الطبية الحديثة أن هناك تناقصا مستمرا لمستوى هرمون الذكورة مع التقدم في السن و هذا النقص يؤثرعلى المستوى الكلي للهرمون و المستوى الحر منه في الدم و يحدث بصورة تدريجية مع التقدم في السن كجزء من عملية الشيخوخة و ينعكس ذلك على نقص تدريجي في كتلة العظام في الجسم و زيادة احتمال حدوث هشاشة في العظام و حدوث كسور العظام بسهولة و يكون ذلك مصحوبا بشعور بالإرهاق و التعب بسهولة و ضعف تدريجي في الرغبة الجنسية و القدرة الجنسية للرجل و قد ينعكس ذلك على الناحية النفسية و المزاجية و يكون مصحوبا بنقص الشعور بالرضا أو السعادة.
و السؤال هل يستفيد الرجل من تعويض هذا النقص الطبيعي التدريجي في هرمون الذكورة؟ و هل هناك أعراض جانبية أو مخاطر؟
بالفعل هناك فوائد عديدة و يمكن الحديث عن أهمها:
· بالنسبة للعظام : هناك تحسين تدريجي بالنسبة لكتلة العظام و تحسن لهشاشة العظام و تقليل عملية ضمور العظام التي تحدث بصورة تدريجية مع التقدم في السن.
· بالنسبة للعضلات و القوى الجسمانية: فهناك تحسن تدريجي مع تعويض النقص الحادث في هرمون الذكورة و حدوث تحسن في التمثيل الغذائي و تقليل عملية حدوث ضمور تدريجي في عضلات الجيم و كتلة الجسم التي تحدث مع الشيخوخة.
· أما بالنسبة للوظائف الجنسية و المزاجية: فهناك فوائد عديدة لاستخدام العلاج التعويضي لهرمون الذكورة في حالة نقصه فقد يحدث زيادة و تحسن تدريجي في الرغبة الجنسية و الإحساس بالمتعة و اللذة الحسية و هناك زيادة تدريجية في معدل مرات ممارسة العلاقة الزوجية و حتى تحسن تدريجي في سهولة الاستثارة الجنسية و حتى بالنسبة للذاكرة و التفكير و القدرة على الأداء في العمل.
· أما بالنسبة للقلب و الأوعية الدموية: فهناك علاقة غير مباشرة بين نقص هرمون الذكورة و احتمالات حدوث مشاكل في الدورة الدموية و القلب و هناك تحسن نسبي على مستوى الهرمون بالدم و تأثيرات مختلفة على عوامل التجلط كما أن له دورا إيجابيا بالنسبة لتأثير الإنسولين على الأنسجة.
كما أثبتت بعض الدراسات الطبية الحديثة وجود علاقة بين نقص مستوى هرمون الذكورة في كبار السن و زيادة حدوث احتمالات في أمراض شرايين القلب و حدوث ذبحة صدرية. كما أنه قد يكون مصحوبا بزيادة تدريجية في الدهون الثلاثية بما له من مخاطر على القلب.
و من المهم معرفة أعراض المرض و أن يكون الطبيب المعالج على دراية كاملة بهذه الأعراض لأن بعضها قد يتشابه مع مرض الاكتئاب .
و بالنسبة للتشخيص فيتم عن طريق طلب تحليل دم يتم فيه قياس هرمون الذكورة أو التستوستيرون و يفضل عمل التحليل في الصباح من الساعة 9 صباحا إلى الساعة 11 صباحا ،حيث يكون فيه الهرمون في أعلى مستوياته كما يمكن قياس مستوى الهرمون الحر في الدم في حالة وجود المستوى الكلي للهرمون عند الحدود الدنيا المقبولة لهذا الهرمون.
و في أغلب الحالات قد يعود انخفاض الهرمون إلى ضعف قدرة الخصية على إفرازه و القليل من الحالات تكون بسبب ضعف و قلة هرمون الغدة النخامية و لذلك قد يحتاج الأمر إلى إجراء بعض التحاليل الأخرى بالمختبر و أحيانا قد تجرى بعض الفحوصات الأكثر دقة على الغدة النخامية لمعرفة السبب بدقة مثل الأشعة المقطعية أو الرنين المغناطيسي.
و في نفس الوقت من المهم إجراء بعض الفحوصات للبروستاتا للاطمئنان لعدم وجود موانع لاستخدام العلاج الهرموني و في نفس الوقت للاطمئنان على غدة البروستاتا و هذه الفحوصات تبدأ بالفحص اليدوي و قد يحتاج الأمر لإجراء تحليل لدلالات البروستاتا (PSA) للاطمئنان على غدة البروستاتا حيث يمنع استخدام هرمون الذكورة في حالة وجود أي أورام سرطانية في غدة البروستاتا.
و في حالة بدء العلاج فعليا فلابد من المتابعة الطبية المتواصلة لتقييم درجة الاستفادة و مقدارها و هذا التقييم متعدد الجوانب منها ما هو يشمل تقييم درجة الاستفادة و الاطمئنان لغياب أي أعراض جانبية مؤثرة و الهدف هو جودة حياة أفضل بإذن الله.
و يتم التقييم و الاستفادة بناء على:
الإحساس الذاتي للمريض و الناحية النفسية و المزاجية حيث يحدث تحسن ملحوظ في القدرات البدنية و الذهنية و يقل الخمول و الإرهاق و الكسل و يزداد النشاط و الحيوية و الطموح. و يحدث تحسن ملحوظ في الرغبة و القدرة الجنسية و زيادة تدريجية في عدد مرات الجماع و قد يلاحظ المريض حدوث انتصاب أحيانا في فترة الصباح و كل هذه العلامات تعتبر نجاحا للعلاج.
و بالنسبة للناحية الجسمانية فيحدث تحسن تدريجي في حجم الجسم و زيادة في حجم العضلات و قوتها و زيادة تدريجية في حجم العضلات و نقص تدريجي في نسبة الدهون و قد يحدث في بعض المرضى إعادة توزيع الدهون من أسفل البطن و الأرداف و الأفخاذ مثل التوزيع النسائي إلى مناطق أخرى ذات طابع ذكورة.
و قد يحدث زيادة أيضا في معدل نمو اللحية و الشارب و الأماكن الأخرى و بالنسبة للجلد أو البشرة فقد يتحول الجلد من جاف إلى دهني بنسب متفاوتة و لا يجب إغفال دور المتابعة في المختبر حيث يجب إجراء التحاليل الطبية التالية كل على حسب حالة و سن المريض مثل:
تحليل لمستوى هرمون الذكورة الكامل و الحر .
صورة دم كاملة.
تحليل لوظائف الكبد.
كتلة العظام و اختبارات الهشاشة (Bone density) للاطمئنان على النتائج المرجوة.
تحليلات للبروستاتا و الحويصلات المنوية تشمل كمية السائل المنوي و فحص روتيني للبروستاتا و إجراء دلالات البروستاتا أيضا.
و في النهاية فإن العلاج يهدف إلى تحسين جودة الحيامن بإذن الله و أن يكون الرجل عضوا فعالا نشيطا في المجتمع مع المحافظة على استقرار الأسرة و استقرار الحياة الزوجية.
*هرمون الذكورة و بناء الأجسام:
ظهر الاهتمام باستخدام هرمون الذكورة في بناء الجسم و العضلات بالنسبة للرياضيين في منتصف القرن الماضي و ذلك لما عرف عن هذا الهرمون من قدرة عجيبة على بناء العضلات و زيادة التمثيل الغذائي البناء و كانت هناك العديد من المحاولات لفصل تأثيراته ذات الطابع الذكوري عن تأثيره كبناء للعضلات و ذلك عن طريق التلاعب في التركيب الجزيئي للهرمون و لكن لم ينجح أحد في ذلك حتى الآن. و في المعتاد يقوم هؤلاء الأشخاص باستخدامه بجرعات مرتفعة للغاية تمثل من 10- 100 ضعف النسبة الطبيعية للهرمون في الجسم و ذلك بهدف بناء كامل للعضلات و لكن هناك العديد من الأعراض الجانبية لذلك من أهمها توقف عملية إنتاج الحيوان المنوي في الخصية و ذلك لحدوث ردة فعل نقص هرمونات الغدة النخامية و قد تتوقف هذه العملية تماما في المستقبل لذلك ننصح الشباب بتجنب هذه المحاولات الضارة لما لها من خطورة على الصحة العامة و الجنسية مستقبلا.
استشاري الذكورة و العقم
و بالنسبة للعقاقير الطبية المتاحة لتعويض نقص هرمون الذكورة فتوجد العديد من البدائل العلاجية الطبية التي يتم اختيار نوعها حسب حالة كل مريض. فتوجد الحبوب الدوائية عن طريق الفم و لكن يعيبها ضرورة تناولها بعد الطعام مباشرة على أن تحتوي الوجبة على نسبة كبيرة من الدهون كي يتم امتصاص الدواء بشكل جيد كما يجب استخدامها 3 مرات على الأقل يوميا مما حدى الكثير من المرضى إلى عدم الاستمرار في تناول العقار ثم ظهرت بعض الحقن الطبية التي تحتوي على هرمون الذكورة طويل المفعول و قد يستمر مفعوله قرابة الثلاثة أشهر و لكن أغلب المرضى لا يفضلون الحقن كوسيلة للعلاج و ذلك نظرا لتذبذب مستوى الهرمون صعودا و هبوطا حول المستوى الفسيولوجي أو المستوى الطبيعي المطلوب بالإضافة إلى أن الهرمون طويل المفعول قد يتطلب حقن كمية كبيرة من الدواء بالفعل.
و قد ظهر حديثا بعض الوسائل الموضعية المفيدة و التي تعطي المريض الهرمون المطلوب عن طريق الجلد مثل اللصقة الطبية الخاصة بكيس الصفن و لكنها تؤدي إلى رفع هرمون DHT و الذي يؤثر بصورة سلبية على البروستاتا خاصة في الرجال بعد سن الخمسين.
و حديثا ظهر علاج حديث في صورة جل و يحفظ في أكياس خاصة تحتوي على جرعة محدودة و فعالة من هرمون الذكورة حيث يتم امتصاص هذا الهرمون عن طريق الجلد و يقوم بتعويض نقص هرمون الذكورة و إصلاح أعراض سن اليأس عند الرجال و يتميز هذا الجل بأنه سهل الاستخدام حيث يضع المريض الجل على الجلد مرة واحدة يوميا و يبدأ الجلد في امتصاص الهرمون مما يؤدي إلى زيادته ووصوله إلى المستوى المطلوب كما أن من مميزات هذه الطريقة سهولة الاستخدام و المحافظة على مستوى الهرمون بصورة فسيولوجية مستقره طول فترة العلاج بعكس الحقن بالعضل حيث يتذبذب مستوى الهرمون صعودا أو هبوطا. كما أنه في حالة ظهور أي أعراض جانبية يمكن بسهوله إيقافه حيث يعود مستوى الهرمون إلى المستوى الذي كان قبله في فترة زمنية لا تتجاوز 72 ساعة.
و في النهاية يتم تناول هذه العقاقير عند وجود ضرورة طبية فقط و تحت إشراف الطبيب و في حالة نقص الهرمون فقط.