مع بدء مرحلة البلوغ تبدأ معاناة النساء مع الآلام والأوجاع التي قد تكون محتملة وبسيطة، أو حادة وشديدة.
وفي أغلب الأحيان يتغاضى معظم النساء عن التوقف للبحث عن الأسباب، إما بسبب كثرة المسؤوليات والانشغال، أو بسبب الاعتقاد بأنها أمور طبيعية تحدث لكل فتاة وامرأة، وأنه موروث اجتماعي من الجدات والأمهات، أو بسبب التكاسل، أو ناجم عن عدم المعرفة بالأخطار التي تكمن وراءها.
صحيح أن ليس وراء كل عارض، مرض خطير، لكن أيضا ليس كل مرض يمكن أن يكون هناك عارض وراءه.
وهنا نستعرض أكثر الأسباب شيوعاً لآلام الحوض لدى النساء.
1- آلام ما قبل الدورة الشهرية
هي مجموعة من الأعراض تحدث في الأيام التي تقع بين التبويض والحيض. وتعاني حوالي 75% من السيدات اللاتي يحدث لهن تبويض من واحد أو أكثر من هذه الأعراض.
وتحدث هذه الآلام في مرحلة من مراحل العمر الخصبة، لكنها تزداد أو تكثر لمن هن فوق الخامسة والثلاثين من العمر، و تظهر المعاناة في الأيام العشرة التي تسبق الدورة الشهرية، وتصاحبها أعراض أخرى تدل على التشخيص، وتشمل على:
- احتقان في الثديين، وألم شديد، خاصة عند اللمس.
- انتفاخ واحتقان الجزء السفلي من البطن.
- تجمع السوائل في الجسم مع زيادة في الوزن، ويظهر ذلك جلياً في منطقة الوجه والأطراف.
- تغير الحالة النفسية للمرأة، فتصاب بالعصبية وعدم التحمل، أو الاكتئاب وتقلب المزاج.
- صداع وضيق في التنفس، مع آلام في الحلق.
- يشكو البعض من حساسية في الجلد، ويعاني البعض الآخر من الإمساك.
تختفي جميع تلك الأعراض جزئياً، أو بشكل كامل، مع بدء الدورة الشهرية. وينصح الأطباء بالإكثار من تناول الكالسيوم والمغنسيوم وفيتامين «بي 6» و«إي»، مع اجتناب الكافيين والتدخين والملح، وتوصف مثبطات البروستاجلندين (المستقبل للألم)، أو مثبطات إعادة امتصاص السيروتنين الاختيارية (مضاد للاكتئاب) للتخفيف من حدة الأعراض، ومن المتاعب الجسدية والنفسية المصاحبة.
2- آلام التبويض
لا تحدث آلام التبويض للكثير من النساء، بل تحدث بنسبة 5 إلى 10% فقط، وتحدث الآلام في منتصف الدورة الشهرية، وتحديداً في يوم التبويض، ويصاحبها نزول إفرازات ذات لون بني مائل إلى الاحمرار.
وتبدأ الآلام، التي تختلف حدتها من دورة إلى أخرى، في أسفل البطن، وغالبا ما تنحصر في جهة المبيض الذي يقوم بعملية التبويض. وللتخفيف من هذه الآلام يمكن تناول بعض مسكنات الألم الخفيفة كالبارسيتامول.
3- آلام أكياس التبويض
خلال عملية التبويض تخرج البويضة من الكيس المغلف لها، الذي يعرف بكيس التبويض، أو الكيس الأصفر إلى الرحم.
وفي حال عدم حصول حمل؛ يضمر هذا الكيس ويختفي. وفي بعض الحالات يبقي هذا الكيس لمدة قد تصل إلى أسبوعين، مسببا آلاما في جهة المبيض. وهي أكياس غير سرطانية ممتلئة بسائل أو بمادة شبه صلبة تنمو على سطح المبيض.
وفي بعض الحالات يتضخم هذا الكيس، وقد يصل حجمه إلى 5 سم، ويضغط حينها على الأعضاء والتراكيب المجاورة.
وقد تلتوي الأكياس، أو تنفجر مسببة ألما شديدا، كما يؤدي هذا التضخم ـ الذي يضغط على المبيض ـ إلى التوائه، مسببا ألما شديدا ومتقطعا، يصاحبه قيء، وينتشر الألم إلى أسفل الظهر، ممتدا إلى الفخذ.
لا بد من تشخيص الحالة بأشعة الموجات فوق الصوتية للتمييز بين كيس المبيض وبين الحالات الخطيرة الأخرى، كالتواء المبيض، أو الحمل خارج الرحم، وغيرها.
ولا توجد ضرورة للعلاج إذا كان الألم محتملا، أما في حالات الألم الشديد، فيمكن تناول حبوب منع الحمل للسيطرة على نمو بعض الأكياس؛ مما يؤدى إلى تحسن الأعراض، وعدم تكون أكياس جديدة.
أما في حالة الشك في وجود التواء أو انفجار الكيس، فيتم إجراء فحص بمنظار البطن، لمعاينة الكيس مباشرة، أو لأخذ عينة منه، أو لاستئصاله. وتعد حالات التواء المبيض من حالات الإسعاف التي تستدعى التدخل الجراحي الفوري.
4- آلام الدورة الشهرية
حوالي 80% من النساء يعانين بعض الضيق، أو الألم، أو ما يعرف بالعامية «بالثقل». وفي أغلب النساء يكون الألم جزءًا طبيعيا من الحيض، كنتيجة لوجود مادة البروستاجلندين التي تسبب تقلص أو انقباض الرحم. والقلة الأخرى يعانين من الألم، لوجود مسببات أخرى، كالأورام الليفية على سبيل المثال.
و تصيب آلام الدورة الشهرية الفتيات بين عمر الثامنة عشرة والعشرين، وعادة ما تختفي بعد الولادة الأولى.
وتتراوح آلام الدورة الشهرية بين الألم الخفيف، والألم الشديد جدا، وتستمر لمدة يومين إلى أربعة أيام على الأكثر. وتظهر آلام الدورة في أسفل الحوض، وتمتد لتشمل المثانة والمهبل ومنطقة العانة، أو ـ كما في بعض النساء ـ تشمل كل البطن.
وتختلف حدة الألم من البسيط إلى الشديد خلال اليوم بسبب تقلصات الرحم. ويصاحب الآلام غثيان وقيء وإسهال وصداع في الرأس. ومن المعروف أن صداع الشقيقة قد يحدث قبل، أو بعد، أو أثناء الدورة الشهرية.
يساعد تناول عقاقير مضادات الالتهاب اللا سترويدية، كالأسبرين والبروفين، والفولتارين على تقليل انقباضات الرحم المسببة للألم، وذلك لخاصيتها كمثبط لمادة البروستاجلندين، كما يمكن أن يساعد تناول حبوب منع الحمل على منع آلام الحيض، وذلك بمنع حدوث التبويض؛ وبالتالي تقليل كمية الدم في بطانة الرحم؛ فتصبح الدورة أقل ألما، وأخف حدة.
5- التهابات الحوض والمهبل
تسبب التهابات المهبل والحوض (الرحم، وقناتا فالوب، أو المبيضان)، التي تنشأ بسبب أحد الأمراض المنتقلة جنسيا، أو بسبب عدوى أخرى، الكثير من آلام الحوض، وتنحصر في أسفل الحوض (كعنق الرحم)، وتمتد إلى أسفل الظهر على الأخص في الحالات الحادة، يصاحبها ارتفاع في درجة الحرارة، ورعشة، وضعف عام في الجسم، وإفرازات صديدية شديدة مع آلام في الرأس، وعدم انتظام الدورة الشهرية.
وفي حالات التهاب المهبل تشمل الأعراض أيضا الحكة والشعور بالحرقة وألم أثناء الجماع، وينجم عن حك المنطقة التناسلية احمرار وتورم وحبوب صغيرة تحتوي على سائل شفاف. وقد تستدعي آلام التهابات الحوض الاحتجاز في المستشفي لإتمام العلاج المناسب.
عند تشخيص حالات التهاب المهبل يتم وصف كريمات (مراهم) موضعية للتخفيف من الحكة والحرقة، وبعد التأكد من نوع العدوى المسببة للمرض، يتم العلاج حسب ذلك.
أما في حالات التهاب الحوض، فلا بد من إجراء فحص للحوض، وأخذ عينات من الإفرازات لفحصها مجهريا، للتأكد من نوع العدوى البكتيرية، حيث يختلف العلاج من نوع إلى آخر. ويشمل العلاج المضادات الحيوية، مع الامتناع عن الجماع.
6- آلام الحوض العصبي
يعتبر الحوض بما يشمله من أعضاء، من المناطق الحساسة جدا في جسم المرأة. ويغذي هذه الأعضاء الكثير من الأعصاب المختلفة المنشأ، كما تغذي المنطقة شرايين الحوض السميكة. لذلك، وعند تأثر المرأة نفسيا بأي عارض صحي (كالعدوى، أو أمراض الظهر، مثل الانزلاق الغضروفي) أو صدمة عصبية، لا بد أن تتأثر أعصاب منطقة الحوض، مسببه العديد من الآلام في أسفل البطن، وأسفل الظهر.
يتم العلاج في هذه الحالة حسب المرض المسبب للعرض، فالراحة والعلاج الطبيعي مع تناول مسكنات الألم من الأمور المهمة لعلاج آلام الظهر والانزلاق الغضروفي.
وعلاج العدوى الفيروسية أو البكتيرية العامة يساعد على التخلص من التشنج العصبي للحوض الذي يصاحب المرض.
وأخيرا فإن الراحة النفسية، ومحاولة التخلص من المشاكل، والبعد عن الأجواء المثيرة للأعصاب والصدمات النفسية أمر مهم جدا لراحة المرأة الجسدية.