- الحمى المخية الشوكية
نبدأ بالحمى المخية الشوكية (M.Meningitis)، بصفتها أحد الأمراض الشائعة في الحج، فهي مرض جرثومي حاد يتميز ببدء فجائي مع حمى، وصداع شديد، وغثيان، وقيء، وتيبس العنق، وكثيرا ما يحدث طفح جلدي وهذيان وغيبوبة.
يتراوح معدل الوفيات بها بين 5 و15 في المائة وقد يكون ما بين 5 و10 في المائة من السكان في البلدان التي يتوطن فيها المرض من الحاملين عديمي الأعراض.
يحدث المرض في جميع أنواع المناخ المعتدل والمداري مع وجود حالات فردية متناثرة طوال العام في المناطق الحضرية والريفية ويكثر حدوث الحالات في أثناء الشتاء والربيع ومواسم الحج والعمرة.
ويحدث المرض بصورة رئيسية في الصغر ولكن في أثناء الحج يكثر المرض في البالغين خصوصا الذكور منهم.
نحو نصف الحالات المكتشفة في العالم تم التبليغ عنها من الحزام الإفريقي للحمى المخية الشوكية وهو حزام يمتد نحو 4200 كم من الشرق إلى الغرب و600 كم من الشمال إلى الجنوب.
وتبلغ معدلات حدوث المرض 1 ـ 3 لكل 100.000 شخص في أوروبا وشمال أميركا و10 ـ 25 لكل 100.000 شخص في الدول النامية وقد ترتفع في حالات الأوبئة إلى 200 ـ 800 لكل 100.000 شخص.
إن أهم الجراثيم التي تسبب التهاب السحايا الجرثومي هي المستديمة النزلية والعقدية الرئوية والنيسرية السحائية، وتعتبر النيسريا السحائية أهم الجراثيم حيث إنها المسبب الرئيسي لمرض الحمى الشوكية التي تنتج عنها الأوبئة.
ويُعتبر الإنسان المستودع الرئيسي للمرض، سواء كان مريضا أو حاملا للجراثيم (وهو أكثر خطورة من المريض في نشر العدوى). وتشير الإحصائيات إلى أنه مقابل كل حالة مرضية مكتشفة يوجد نحو 100 حامل جراثيم.
طرق انتقال العدوى
تنتقل العدوى مباشرة بواسطة إفرازات الأنف والحلق من المريض أو حامل الجراثيم إلى الشخص السليم، وينتج عن العدوى إما مرض عامّ وإما حَمْل مؤقت للجراثيم 3 ـ 4 أسابيع دون ظهور أعراض، حسب درجة المناعة لدى الشخص والعوامل المتعلقة بالجراثيم من حيث نوعيتها وكميتها وفترة التعرض.
تتراوح فترة الحضانة في الأحوال العادية ما بين 2 و10 أيام أما في أثناء الأوبئة فهي 3 ـ 4 أيام.
ويستمر انتقال العدوى طوال فترة وجود الجراثيم في أنف وحلق الشخص المريض أو حامل الجراثيم، وللقاح فعالية كبيرة في منع حدوث المرض (90 ـ 95 في المائة).
طرق المكافحة
الإجراءات الوقائية: مناظرة جميع القادمين، من الخارج للحج والعمرة، بمجرد وصولهم منافذ الدخول والاطلاع على شهادات التطعيم الخاصة بهم، وتطعيم المحتاجين منهم.
العلاج الوقائي: يعطى للقادمين من دول الحزام الإفريقي للحمى المخية الشوكية، وكل من يحمل شهادة تطعيم صادرة في مدة أقل من عشرة أيام.
الإجراءات الخاصة بمناطق الحج: تطعيم جميع المواطنين والمقيمين وإعطاء الأولوية للفئات الأكثر عرضة للإصابة، والتنسيق مع البعثات الطبية لحثهم على الاكتشاف المبكر للحالات والإبلاغ الفوري عن الحالات المشتبهة.
وأخيرا يتم تطبيق المكافحة بالنسبة إلى المريض والمخالطين والبيئة المحيطة.
2- الإنفلونزا الموسمية
الإنفلونزا Influenza مرض فيروسي حاد يصيب الجهاز التنفسي، وللفيروس المسبب ثلاثة أنماط: إيه ـ بي ـ سي. ويشمل النمط «إيه» ثلاث ذراري: (H1N1, H2N2, H3N2) وارتبط بإحداث أوبئة كبيرة وجائحات. أما النمط «بي» فارتبط أحيانا بحدوث أوبئة واسعة. إلا أن النمط «سي» ارتبط بحدوث تفشيات إفرادية ومحدودة.
ينتقل المرض من الإنسان إلى الإنسان بالتّماسّ المباشر عن طريق الرذاذ كما يحدث الانتشار بالهواء في المجموعات السكانية المزدحمة، وفترة الحضانة قصيرة، عادة 1 ـ 3 أيام. ومدة العدوى 3 ـ 5 أيام من بدء الأعراض السريرية في البالغين وحتى 7 أيام لدى الأطفال.
الإجراءات الوقائية
وبالنسبة إلى المريض والمخالطين له فإن الإجراءات الوقائية تشمل: التبليغ للسلطات الصحية المحلية، وكذلك العزل الذي يكون في معظم الأحوال غير عملي وذلك بسبب التأخر في التشخيص ما لم تُتَح اختبارات فيروسية سريعة ومباشرة.
ولكن قد يلزم في أثناء الأوبئة، وبسبب زيادة العدد، عزل المرضى لا سيما الرضع وصغار الأطفال الذين يُعتقد أنهم مصابون بالإنفلونزا بوضعهم في نفس الغرفة خلال 5 ـ 7 أيام من بداية المرض.
ثم يأتي العلاج النوعي بمضادات الفيروسات مثل «أمانتادين» و«ريمانتادين» عندما تعطى خلال 48 ساعة من بدء الأعراض تخفف الأعراض وتخفض عيارات الفيروسات في المفرزات التنفسية.
أما الإجراءات العامة فتشمل: تثقيف الجمهور والعاملين الصحيين عن المرض وعن حفظ الصحة الشخصية.
ثم «التمنيع» الذي يعطي مناعة بنسبة 70 ـ 80 في المائة عند الشباب وقد يخفض من شدة المرض ومضاعفاته بنسبة 50 ـ 60 في المائة، وينبغي وضع برامج للتمنيع بصورة خاصة للفئات الأكثر تعرضا لخطر المضاعفات الخطيرة.
3- حمى الضنك
حمى الضنك Dengue Fever، حمى فيروسية حادة ذات بدء مفاجئ ترتفع فيها درجة الحرارة لمدة تقرب من خمسة أيام مع صداع شديد في مقدمة الرأس وألم في مؤخرة العين وآلام مفصلية وعضلية وفي بعض الأحيان قيء.
أما حمى الضنك النزفية، فهي تتميز ـ بالإضافة إلى الأعراض السابقة ـ بوجود نزيف وقلة عدد الصفائح الدموية مع زيادة تركيز الدم بنسبة 20 في المائة. أما متلازمة صدمة حمى الضنك فتتميز بوجود صدمة بالإضافة إلى الأعراض السابقة.
ولفيروس حمى الضنك أنماط أربعة: 1 و2 و3 و4، وهو من الفيروسات الفلافية (Flaviviruses) وتتشابه مستضدات الفيروس الأربعة حيث إن الإصابة بأحدها توفر مناعة جزئية للإصابة بالمستضد الآخر.
تمتد فترة الحضانة من ثلاثة أيام إلى أسبوعين وفي العادة 5 ـ 7 أيام، ويكون الشخص المريض معديا خلال فترة الحمى وهي في المتوسط 6 ـ 7 أيام وتكون البعوضة معدية بعد 8 ـ 12 يوما من لدغ الشخص المريض وتبقى معدية طول حياتها. تنتقل العدوى بواسطة لدغة أنثى بعوضة «إيدس إيجبتاي» ولا ينتقل المرض مباشرة من شخص إلى آخر دون وجود هذا الناقل.
ينشط البعوض في اللدغ في أثناء ساعات النهار خصوصا بعد ساعتين من شروق الشمس وقبل ساعات من غروبها وعند لدغها لمريض مصاب خلال الثلاثة الأيام الأولى من المرض فإن البعوضة تأخذ الدم المحمل بالفيروسات وتصبح معدية بعد 8 ـ 12 يوما وتبقى معدية طول بقية عمرها.
الأعراض والتشخيص
تتميز حمى الضنك بأربع درجات من الشدة كما يلي:
- الدرجة الأولى: وجود حمى مع أعراض غير نوعية مثل الصداع الشديد، آلام المفاصل والعضلات وطفح جلدي واختبار التورنكيت هو الاختبار الوحيد الذي يدل على وجود أعراض نزفية.
- الدرجة الثانية: بالإضافة إلى الأعراض الموجودة في الدرجة الأولى يوجد نزيف تلقائي تحت الجلد أو نزيف من أماكن أخرى.
- الدرجة الثالثة: وجود قلق وبرودة الجلد مع صدمة وهبوط الجهاز الدوري حيث يكون الضغط منخفضا والنبض سريعا وبطيئا.
- الدرجة الرابعة: توجد صدمة عميقة مع انخفاض شديد في النبض والضغط فلا يمكن قراءته.
أما التشخيص فيتم بواسطة الأعراض والعلامات المميزة للمرض، وعزل الفيروس من الدم، وارتفاع في الأجسام المضادة.
ويتم تنويم المريض بالمستشفى إذا كان يعاني من قلق، وبرودة الأطراف مع وجود زرقة، وسرعة وضعف النبض، وانخفاض شديد في ضغط الدم أو وجود صدمة، وارتفاع مفاجئ في تركيز الدم أو استمرار ارتفاع تركيز الدم على الرغم من إعطاء المحاليل الوريدية.
طرق المكافحة
- يتم عزل المريض ومنع البعوض من الوصول إليه وتطبيق الإجراءات الخاصة باحتياطات الدم. ولا يوجد علاج نوعي للمرض.
- ويتم حصر المخالطين ومراقبتهم طوال فترة حضانة المرض لاكتشاف أي أعراض.
- توعية المواطنين بالمرض وطرق الانتقال والوقاية.
- عمل مسوح في المجتمع لتحديد كثافة الناقل وكذلك مناطق وجود اليرقات وتكاثرها.
يمكن للأشخاص وقاية أنفسهم من لدغات البعوض بالطرق الآتية:
- استعمال الناموسيات وبخاصة تلك المعالجة بالمبيدات.
- استخدام الأقراص أو الحلزونيات التي ينبعث منها بخار خصوصا في فصل الخريف بعد شروق الشمس وقبل غروبها.
- وضع كريمات طاردة للبعوض على أجزاء الجسم المعرضة للدغ.
- وضع الستائر على الأبواب والنوافذ يُعتبر وسيلة فعالة لمنع دخول البعوض إلى المنازل.
- استعمال المبيدات ذات الأثر المتبقي للقضاء على البعوض الطائر.
- توفير مياه الشرب النظيفة باستمرار حتى لا يلجأ المواطنون إلى حفظ المياه في أوانٍ مما يساعد على توالد البعوض.
- الوقاية من أمراض الجهاز التنفسي وإنفلونزا «إتش1 إن1»
4- التطعيمات الخاصة بالحج
وتشمل التطعيم ضد مرض الحمى الشوكية، والتطعيم ضد الإنفلونزا، مع التأكد من استكمال الأطفال للتطعيمات الأساسية ضد أمراض الطفولة الرئيسية مثل الحصبة وشلل الأطفال.
كما يجب توخي الوقاية من أمراض الجهاز التنفسي وإنفلونزا «إتش1 إن1» باتباع ما يلي:
- الاهتمام بالنظافة الشخصية، مع ضرورة تجنب إفرازات ورذاذ الأنف والحلق من المصابين لأنها أهم مصدر للعدوى.
- عدم مخالطة المصابين، وغسل الأيدي بعد مصافحة المرضى.
- تهوية الغرف وأماكن التجمعات واستعمال طريقة الكنس المرطب منعا لإثارة الغبار الناقل للجراثيم.
- تغطية الفم والأنف بمنديل عند السعال أو العطس، والتخلص من المنديل فورا في سلة المهملات.
- الابتعاد عن الزحام.
- العناية بنظافة اليدين وتجنب ملامستهما للأغشية المبطنة للعين والأنف قبل غسلهما بالماء والصابون خصوصا بعد لمس الأسطح الملوثة مثل مقابض الأبواب.
- عدم تعريض الجسم المتعرق لأجهزة التكييف مباشرة.
- تجنب استعمال أدوات المريض.
كما نشير إلى أهمية أن يقتني كل حاج حقيبة طبية صغيرة يحمل فيها نوعين من الأدوية:
- أدوية عامة مثل: الأملاح التعويضية بالفم ـ خافض للحرارة ومسكن للألم ـ مسكن للمغص ـ مضاد للسعال وطارد للبلغم ـ كريمات لعلاج التسلخات ـ مرهم للحروق الجلدية وكريم ملطف للالتهابات وحروق الشمس ـ مرهم لإصابات العضلات ـ شاش وقطن طبي ومطهر للجروح.
ـ أدوية خاصة ببعض الأمراض المزمنة مثل: أدوية السكري ـ ارتفاع ضغط الدم ـ الربو ـ أمراض القلب.