طب الأسنان في سورية من الحضارات القديمة حتى الفتح الاسلامي
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــ
لاشك أن الطب بشكله المبسط قد ظهرت بذوره الأولى، منذ وجد الإنسان ذاته على هذا الكوكب،واقترن ذلك بطبيعة الحال مع حاجة الإنسان الفعلية للتطبب مع ظهور الأمراض وأعراضها وحدوث الجروح أو الكسور أو الرضوض ومعاناة الإنسان من الألم .
ومصطلح ـ الطب ـ بمعناه الواسع ،إنما يعني طرق ووسائل تصدي الإنسان لتلك الأمراض والجروح وما يرافقها من أعراض ويمكن أن تصيب الإنسان.
وبالنسبة لطب الأسنان خاصة فقد أثبتت الأبحاث أن معالجة أمراض الأسنان قد ظهرت فعليا مع بدء الحياة الإنسانية وانطلاقه الحضارات الأولى التي عرفتها الإنسان ،فقد أثبتت (ليسليا هلوسكو)أستاذ علم الجيولوجيا والأحافير في جامعة الينوى في اربانا تشامبين ،أن عيدان الحشائش كان يستخدمها الإنسان الأول كأدوات لتنظيف الأسنان ،واستدلت على ذلك من وجود منحنيات واضحة على أسنان الأقدمين، وقد أثبتت صحة نظريتها بعد أن قامت بحك عيدان من الحشائش على سن مأخوذة من قرد وسن أخرى مأخوذة من إنسان،وقالت في بحثها المنشور في المجلة ــ نيوسانيتست ـ إن الحشائش وعلى عكس الأخشاب تحتوي على عدد كبير من جزئيات السيليكا الجافة والصلبة ،حيث تركت تلك الحشائش على كلتا السنين العلامات الغائرة نفسها تقريبا والتي شوهدت على أسنان الإنسان القديم عندما خضعت للمسح بالمجهر الالكتروني.
ولما كان موضوع بحثنا هذا يدور حول (تاريخ طب الإنسان في سورية) فمن المناسب الإشارة إلى أن عدداً من المواقع في سورية كان مكاناً مختاراً لإقامة الإنسان الأول أو إنسان ما قبل التاريخ، والتي تأتي في طليعتها مغاور يبرود في منطقة القلمون بريف دمشق ،والتي أفرد لها الباحث والعالم الألماني ـ ألفيد روست ـ كتابة الشهير"مكتشفات مغاور يبرود"
ونجد لذلك لزاماً علينا التعرف ولو بإيجاز إلى ماعرفته (سورية) بحكم موقعها الجغرافي ودورها التاريخي المتميز ، عبر الحضارات التي تعاقبت عليها ،والتي تعتبر حضارات أساسية في تاريخ العالم البشرية ، فقد عرفت سورية الطبيعة أقدم الحضارات الإنسانية المعروفة ،بدءاً من حقبة إنسان ما قبل التاريخ كما أسلفنا ووصولاً إلى الحضارات البابلية والآشورية و الكلدانية إلى الفرعونية والفيينيقية ثم اليونانية والرومانية والإسلامية......
وبداية نقول إن البابليين هم أقدم الأمم التي عنيت فعلياً بالطب كمهنة أو حرفة ، وهناك الكثير من الرقم الطينية في كبريات وأهم متاحف العالم وفي العراق وسورية تشهد على ذلك،وكذلك هو الحال عند الكلدانيين والآشورية والفينيقيين ومعروف أيضاً أن سورية قد شاطرت مصر الحضارة الفرعونية في جزء من تاريخها.
وإلى جانب ما ورد في العدد من الرقم الطينية من العهود الآشورية والبابلية حول معاناة الإنسان من نخر وتسوس الأسنان وسبل معالجتها بالنباتات وتعاويذ الكهنة فمن المعروف أن الفراعنة هم أول من تحدث عن طب الأسنان بالخاصة ، وذلك عبر مضمون عدد من البرديات الفرعونية المكتشفة مثل :بردية كاهون ـ بردية أدوين سميث ـ بردية هيرست ـ بردية لندن ـ بردية برلين ـ بردية ايبرس والتي يعتبرها الباحثون أقدم مرجع حقيقي لطب الأسنان، وقد اكتشفها العالم الألماني جورج ايبرس في الأقصر وهي موجودة الآن قي متحف مدينة لايبزيغ قي ألمانيا وتشتمل على /811/وصفة طيبة ، ويبلغ طولها عشرين متراً وعرضها 03سم ، وفيها /2289/ سطراً مدوناَ، وقد ورد فيها طرق علاج الأسنان النخرة بواسطة حشوها بخليطة من فحمات النحاس والصمغ ومواد أخرى، كما تضمنت وصفات لعلاج اضطرابات بزوغ الأسنان عند الأطفال، وقد ظهرت في عدد من المومياءات المكتشفة إجراءات علاجية واضحة مثل الجبائر بخيوط الذهب للأسنان المتقلقة ، وفتح للخراجات بواسطة مثقاب خاص ،كما ظهرت ترميمات للأسنان وتعويضات عن الأسنان المفقودة بواسطة عظام الحيوانات والعاج والخشب والذهب وغيرها....
????: الملتقى السوري لأطباء الأسنان
وثبت ذلك عبر وثيقة تعود إلى القرن الخامس قبل الميلاد ...
وقد أكد هيرودوت في القرن الخامس قبل الميلاد وجود أطباء متخصصين بطب الأسنان عند الفراعنة .
يقول الأمريكي هرمن يونكر في بحث نشرة عام 1914إن الأضراس الاصطناعية التي كشفت في مدافن الجيزة تثبت أن الفراعنة كانوا أول أمة عنيت فعلياً بطب الأسنان وأنهم هم الذين علموها إلى الرومان واليونان والفينيقيين ، حيث كشفت حفريات أجريت في صيدا(لبنان ) عام1864 أسناناَ اصطناعية يعود تاريخها للقرن الرابع قبل الميلاد مع آثار تشير إلى تواصل الفينيقيين مع الفراعنة .
ومن المثير أن أقدم تركيبة لمعجون أسنان كانت من وضع الفراعنة وتعود إلى القرن الرابع قبل الميلاد ،وذلك من خلال ما ورد في بردية محفوظة في فيينيا وتشتمل مكوناتها على (درخمة واحدة من الملح ودرخمتين من النعناع وعشرين من الفلفل الأسود) حيث الدرخمة هي وحدة وزن دقيقة تعادل جزءاً من مئة جزء من الأونصة ، وكانوا يصنعونها لتنظيف الأسنان لمرة واحدة.
كما جرب الفراعنة علاجات مختلفة للأسنان واللثة مثل مضغ علكة تشبه العلكة الحديثة تحتوي على عسل النحل والنعناع ومواد مطهرة والسوس المجفف، وكانت تركيبة معجون الأسنان تلك مكتوبة على ظهر مراسلات بين رؤساء المعابد.
وقد تابع أبقراط الذي ولد سنة 460ق.م وأرسطو طاليس الذي ولد 384 ق. م على صحة الفم والأسنان ووضعا مؤلفات في الجراحة الأسنان وأمراضها، ولما أنشئت مدرسة الإسكندرية للطب في سنة 331ق.م جيء بعدد من أساتذة اليونان للتعلم فيها، ولكن النار التي التهمت مكتبة الإسكندرية الشهيرة سنة 65ق.م أتت على كل ما فيها من كتب طبية قيمة.
وفي سنة 130م عاش في روما طبيب يوناني يدعى كلوريورس غالن من تلامذة مدرسة الطب في الإسكندرية ، يعتبر من عباقرة الطب وكان يحشو الأسنان بالرصاص وغيره من المعادن كما وجدت في نينوى في العراق آثار تشير إلى علاقة أمراض الأسنان بأمراض الرأس والأقدام وغيرها, وكان لطب الأسنان آلهة تدعى ايولونيا. ولدت عام 300م وهي ابنة قاض مصري وكان يحتفل بعيدها في التاسع من شباط من كل عام .
ومن كل ما سبق يتأكد لنا أن الفراعنة والرومان واليونان كانوا من الأمم التي عرفت علوم طب الأسنان، فعند جالينوس مثلا نرى في عام/135 /ق.م أبواباً وفضولاً في مؤلفاته كانت مكرسة حول الأسنان وبزوغها،ومعروف عن قوله فيها أن السن عظم حقيقي يتكون قبل الولادة وأن شرايين الأسنان العلوية وأعصابها لها اتصال بفروع من عصب العين وقد سماها لذلك أسنان العين ولما انتشرت تعاليم جالينوس بين العرب بحثوا فيها وزادوا عليها ما وصل إليه بحثهم وعلمهم فأخذت علوم طب الأسنان تنمو حتى بلغت ما بلغته اليوم.
أما عن عهد سورية بالحضارة اليونانية والتي عرفت تقدم الطب بداية على يد ـ اسقليبوس ـ الذي يعتبره اليونانيون إله الطب , ثم جاء بعده (أبقراط)(460ـ357ق.م)وهو مبدع القسم الطبي المعروف بقسم أبيقراط، والذي يعتبر من أعظم الأطباء في تاريخ العالم حيث سماه العرب أبا الطب ورفعوا نسبه إلى عائلة (اسقليبوس) وهو رئيس المدرسة التي اشتهرت باسمه,وقد كتب هو وتلاميذه ما سماه مؤرخو الطب (المجموعة الأبقرطية) التي تضم أكثرمن70 كتاباً تبحث في /53/ موضوعا طبياً وقد ترجمها العرب مع تفسير (جالينوس ) لها،وقد ذكره العرب فقال عنه ابن جلجل في كتابه (طبقات الأطباء والحكماء )إن أبقراط سكن مدينة فو وهي حمص من أراض الشام ،وقد كتب أبقراط في تثبيت الأسنان المقلقلة بخيوط الذهب،ووجدت أثناء الحفريات التي جرت في تناجرا Tanagra تعويضات أسنان مصنوعة من صفائح تحيط بالأسنان السليمة .
????: الملتقى السوري لأطباء الأسنان
ثم عرفت سورية بعد ذلك الحقبة الرومانية التي لم تتجاوز عملياً على صعيد الطب ما أنجزته الحضارة اليونانية.
ولعل لقمان الحكيم هو أقدم طبيب عربي ،و جذيمة والحارث وابنه النضر والتميمي بحثوا في الأسنان وطبها ، إلى أن جاءت فترة الفتح العربي الإسلامي لبلاد الشام التي انتشرت معها مفاهيم الصحة والوقاية التي تميز بها المأثورة عن الطب النبوي من أحاديث شريفة تقارب/300/ثلاثمائة حديث حسب الرواة أموراً كثيرة تدور حول صحة جسد الإنسان وبعضها يتعلق بصحة الفم والأسنان حيث كان أول من استعمل السواك لحفظ صحة الفم هو الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم ،وحض على استخدامه بقوله"مالي أراكم تدخلون علي قلحاً...استاكوا"وقوله أيضا ً"لولا أن أشق على أمتى لأمرتهم بالسواك قبل كل صلاة"وقد ثبت بالتحليل والدراسات أن السواك يتكون كيميائيا من ألياف من السيللوز بالإضافة إلى زيوت طيارة وراتينج عطري وأملاح معدنية أهمها كلور الصوديوم وكلوريد البوتاسيوم وأوكزالات الكالسيوم وهي مواد أساسية في صنع الكثير من معاجين الأسنان المعرفة والمنتشرة اليوم، وبذلك يكون السواك فرشاة طبيعة مزودة بأملاح معدنية ومواد عطرية تساعد على تنظيف الأسنان وتدليك اللثة وإزالة بخر الفم ومنحة رائحة زكية ومقبولة ،وكانت هناك علاجات كثيرة لأمرض الفم والأسنان في صدر الإسلام فكان من شدوا أسنانهم بالذهب الخليفة عثمان بن عفان في كبره وأبو مسلم معاذ الهراء والخليفة عبد الملك بن مروان ،واختص بعض الأطباء المسلمين بطب الأسنان فتوصلوا إلى اختراع المساحيق والأدوية المقوية للثة والمسكنة لآلام الأسنان وكانت لهم جملة توصيات مهمة منها تجنب الأطعمة المعرضة للتفسخ الشديد،وتجنب الأطعمة القاسية أو للزجة ،واجتناب المأكولات والمشروبات الشديدة الحرارة أو الشديدة البرودة ،وأوصوا بفرك الأسنان بالعسل أو الملح المحروق ،بالإضافة لذلك فقد اهتم العرب مع الفتح الإسلامي لبلاد الشام وبداية خلافة بني أمية في دمشق اهتماماً كبيراًً بالتطبيب والأطباء ،
وخاصة بعد امتداد حدود الخلافة الأموية إلى مابين سمرقند وأقاضي الأندلس ،حيث أصبحت مدينة دمشق عاصمة الأمويين مركزاً للثقافة والعلوم ،وخاصة بعد أن اهتم الأمويون بنقل العلوم القديمة اليونانية والفارسية والهندية إلى اللغة العربية ،وخاصة أن سورية كانت تزخر بالمدارس السريانية ، فاستفاد الأمويون من المدرسين السريان لتحقيق هذه الغاية فقاموا برعاية المدارس السريانية المنتشرة في مناطق مابين النهرين والبلاد المجاورة.
وعلى سبيل المثال فقد كان يعقوب الرهاوي ممن شملتهم الرعاية الأموية ،وكان أن اجتهد السريان السوريون بنقل علوم النطق والطبيعة إلى العربية،وقد ظهر تمازج الثقافة السريانية والثقافة العربية بشكل واضح واشتهر كثير من الأطباء الفلاسفة نظراً لاقتران دراسة الطب في ذلك الوقت بدراسة الفلسفة.
وبرز اهتمام خالد بن يزيد بن معاوية بالعلوم وولعة بها حيث بها حيث كان شاعراً وفصيحاً حتى سمي(حكيم آل مروان) ،وكان أول من بدأ بترجمة المؤلفات اليونانية، حيث أمر بجلب جماعة من الفلاسفة اليونانيين ،وأمرهم بالترجمة من اليونانية والقبطية إلى العربية وأجزلهم العطاء.
كذلك اهتم الخليفة الأموي الراشد عمر بن عبد العزيز(99ـ 101هـ)بالترجمة ،فأمر بنشر كتاب أهرن بن أعي في الطب،بعد أن كان أول الحكم بين عامي 64ـ 65هـ من اللغة السريانية إلى اللغة العربية.
وبلغ من اهتمام الدولة الأموية بالطب ،أن أمر الوليد بن عبد الملك في عام 88هـ 7060م ببناء بيمارستان بدمشق وجعل فيه الأطباء وأجرى عليهم الأوراق، وبرز في تلك الفترة عدد من الأطباء المرموقين مثل :ابن آثال ـ أبو الحكم الدمشقي (طبيب الخليفة معاوية )ـ الحكم الدمشقي ـ تياذون (طبيب الحجاج)ـ عيسى بن الحكم الدمشقي ،وعبر ذلك عن مدى اهتمام الخلافة الأموية في دمشق بعلوم الطب، واهتمامها بالأطباء من عرب وسريان وغير العرب وتشجيعهم على ممارسة مهنة الطب بعيداً عن التعصب الديني والعرقي .
لقد ازدادت المعارف الطبية نتيجة تواصل وازدهار حركة الترجمة لأمات كتب الطب في الحضارات السابقة وخاصة اليونانية وذلك على أيدي الرهبان النساطرة الشرقيين الذين رعاهم العرب الغساسنة وحماهم الإسلام.
لقد كان النساطرة يترجمون الكتب اليونانية إلى السريانية ،وبعد ذلك أسس كسرى أنو شروان (531ـ 578م) مدرسة جند يسابور التي نالت شهرة كبيرة فيما بعد وخاصة في العلوم الطبية، ولما أغلق جوستنيان مدارس أثينا في عام 529م لجأ جماعة من العلماء المطرودين إلى فارس حيث رحب بهم الإمبراطور فعملوا في جند يسابور على ترويح العلوم اليونانية، وكان التعليم فيها لا يقتصر على المؤلفات اليونانية والسريانية،بل أضيف إلى ذلك تعاليم من فلسفة الهند وآدابها وعلومها، وقد عرف العرب طريقهم إلى مدرسة جند يسابور قبل الإسلام ومن أشهرهم الحارث بن كلدة الطبيب وابنه النضر، وهناك مدرسة ثالثة بعد ـ نصيبين ـ المسيحية وجند يسابور الفارسية عملت على المحافظة على العلوم القديمة هي مدرسة(حران)الوثنية التي كانت مركزاً للتأثر الإغريقي منذ عصر المقدوني الأكبر.
وقد ورث العرب فيما ورثوا من الإمبراطوريتين الفارسية و الرومانية هذه المدارس (بالإضافة إلى مدرسة الإسكندرية )، وكان العلماء و الفلاسفة و المترجمون في تلك المدارس أكبر عون للعرب على ترجمة ما أرادوه من العلوم والفلسفة والمعارف.
والحقيقة الساطعة هي أن العرب حققوا ما لم يحققه شعب من الشعوب في تأسيس الإمبراطوريات، حيث كان الزمن الذي استغرقوه لاستيعاب علوم الحضارات السابقة وهضمها خيالياً وقاسياً لينطلقوا بعدها لتطوير تلك العلوم وبناء حضارتهم الإنسانية العظمية, يقول الأستاذ لوكلير في كتابة (تاريخ الطب العربي):إن فترة نشوء الحضارة العربية تميزت بالأصالة العميقة التي صحبت بدايتها ,فالشعوب المختلفة التي تناوبت علي مسرح العلم كانت تتبع علي وجه التقريب قانوناً واحداً في تنشئة العلوم وتطويرها, ولكن اختلف ذلك عند العرب,إذ كانت طريقة اكتسابهم للعلوم واستيعابهم لها مثلاً فريداً في تاريخ.ويصف الأستاذ ديورانت حركة العلم والثقافة التي أقامها الإسلام في ذلك العصر بقولة
بلغ الإسلام في ذلك الوقت أوج حياته الثقافة,وكنت تجد في ألف مسجد منتشرة من قرطبة إلي سمرقند علماء لا يحصيهم العد,وكانت تدوي أركانها بفصاحتهم, ولقد استطاع العرب أن يستوعبوا ما كان عند الأمم المغزوة من ثقافات بما اتصفوا به من سرعة الخاطر وقوة البديهة ) وكانت القاهرة والإسكندرية ودمشق وحلب والقدس وبعلبك والموصل وطورس ونيسابور وغيرها تزهو بمدارسها,وكان التلاميذ يتلقون العلم بالمجان, كما كانوا يحصلون علي الطعام والعناية الطبية ويمنح كل منهم ديناراً من الذهب كل شهر لمصروفاته الأخرى, كما يمسح للنساء بالاشتغال بتدريس النساء والفتيات أيضاً.ويقول الأستاذ نيكلسون
لقد صحب التوسع العربي الكبير نشاطاً فكرياً لا عهد للشرق بمثله من قبل,حتى لقد لاح بأن في العالم ابتداء من الخلفية إلي أقل المواطنين,قد أصبحوا طلاباً للعلم,أو علي الأقل من مناصريه) وكان الناس طلباً يسافرون عبر قارات ثلاث (أسيا ـ أفريقيا ـ أوروبا)ثم يعودون إلي ديارهم وكأنهم نحل,تشبع بالعسل,ليفضوا بما جمعوا من محصول ثمين إلي حشود من التلاميذ المتشوقين للعلم,وليؤلفوا بهمة عظمية تلك الأعمال التي اتصفت بالدقة وسعة الأفق,والتي استمد منها العلم الحديث ـ بكل ما تحمل هذه معني ـ مقوماته بصورة أكثر فاعلية مما نفترض.