الأطباء .. أنصاف آلهة أم مصاصو دماء؟
الأطباء .. أنصاف آلهة أم مصاصو دماء؟
منذ بدايات الحضارة، كان للطب قداسته الخاصة المتعلقة بسر الحياة و الموت، و كان المؤهل الرئيسي إلى جانب العرافة لجعل ساحر القبيلة أو كاهن المدينة متمتعاً بصلاحياتٍ واسعة و رهبةٍ مختلطة بالرجاء من هذا الذي يدرك أسرار شفاء الإنسان من الأرواح الشريرة التي تبث فيه الضعف و تسلبه الروح.
و قد وصل الأمر إلى تأليه بعض هؤلاء مثل الطبيب الفرعوني الشهير إمحوتب، و تعظيم المعلم اليوناني أبقراط الذي أصبح اسمه مرتبطاً بقسم شرف المهنة و أخلاقياتها. كما عُرف عن الطبيب قديماً و حديثاً تعدد مواهبه و اهتماماته، من ابن سينا إلى ليوناردو دا فنشي و سومرست موم و أنطوان تشيخوف و عبد السلام العجيلي و آرثر كونان دويل و رينيه ليريش و كلود برنار و مصطفى محمود و إبراهيم ناجي و جورج حبش و تشي غيفارا و مصطفى البرغوتي .. و القائمة تطول.
لكن صورة الطبيب لدى الناس يشوبها الكثير من التبدل القاتم في السنوات الأخيرة، و قد بات اليوم متهماً أكثر من أيّ وقتٍ مضى بالتدهور الأخلاقي المهني، خاصةً مع عولمة الثقافة المادية و الانحدار القيمي الذي يجعل من المصلحة أساس كل علاقة إنسانية مهما كانت. ماذا يُؤخذ على أطبائنا خصوصاً؟ تتركز الانتقادات على تحويلهم المهنة إلى تجارة تحكمها المنفعة المالية دون مراعاة أحوال المريض و فوق ذلك ضعف العناية و المتابعة الطبية له، كذلك كثرة "الأخطاء" الطبية و فوضى الواقع الصحي المفتقر إلى التوثيق و المنهجية. و السؤال: لماذا؟
قبل الإجابة علينا أن نتذكر جوهر قسم أبقراط، و هو أن عقد الطبيب بالمريض هو عقد عناية و ليس عقد شفاء، و هي نقطة أساسية يجب أن يعيها الطبيب قبل المريض في علاقتهما التي يتوجب إعادة ترتيبها و بنائها، هذه العلاقة التي تتحلى بتوازنٍ دقيق بين الكفاءة المهنية التي لا تحصر المريض في خانة (الزبون) و بين الإنسانية التي لا تدع العواطف تشوش على سير التشخيص و العلاج، و على الطبيب أن يتولى قيادة هذه العلاقة المعقدة بما جعله يعرف في حضاراتٍ و أزمانٍ كثيرة باسم: الحكيم.
كما يجدر بنا أن نتذكر مدى الاجتهاد في طلب العلم الذي يميز سيرة الطبيب عموماً، و إنفاقه زهرة سنوات عمره في الدراسة و صقل خبراته و التي يجب أن تتزايد و تستمر حتى آخر أيام عمله، بكل ما ينفقه في سبيل ذلك و ما يضيع من العمر الإنتاجي للإنسان (أقل بـ 10 إلى 15 سنة من مثيله في المهن الأخرى)، إضافةً إلى بيئة العمل الخطيرة التي يعيش فيها! فهو في تماسٍ يومي و مستمر مع بؤر الأمراض و الشدة النفسية و التوتر العاطفي و أحياناً التأثيرات الضارة للأشعة و غيرها.
لقد خطا العلم عموماً و الطب خصوصاً قفزاتٍ هائلة في القرن التاسع عشر و النصف الأول من القرن العشرين بحيث بدت للمراقبين في حينها أنها غاية ما يمكن أن ينجزوه، قبل أن يتم في النصف الثاني من القرن العشرين قفزة لوغاريتمية أخرى تعادل كل ما سبقها من معارف، و مع نهاية العقد الأول من القرن الحادي و العشرين، صارت الهوة شديدة الاتساع بين الطب و الأطباء، خاصة مع اختلاف التطور الإنساني عن التقدم التقني الذي أدى إلى سيطرة التكنولوجيا و تهميش دور الإنسان في الطبيب، الذي صار من الأسهل عليه أن يطلب جملةً من التحاليل المخبرية و الفحوص الشعاعية و حتى أدوية تجريبية من قبل أن يجتهد في التمعن في قصة المريض و فحص جسده!
بالمقابل نجد أن متوسط عمر الإنسان حول العالم قد ازداد عقدين في المتوسط، عدا عن انخفاض نسبة وفيات الولادة و وفيات الأطفال، و هذا يؤدي بالنتيجة إلى أن يتمتع عددٌ أكبر من الناس بعمرٍ أطول و لكن ليس بالضرورة بصحةٍ أفضل، مما أفرز زيادة هائلة في أعداد المرضى على المدى الطويل مع توفر إمكانيات جديدة لمواجهة آفاتهم بدل الاكتفاء بالحد الأدنى من إجراءات الحفاظ على حياتهم. هذا هو أحد أهم أسباب أن كل نظم التأمين الصحي حول العالم أثبتت قصورها في ناحيةٍ أو أخرى - و بالطبع بشكلٍ نسبي بين مختلف الدول - في تأمين العلاج لكل المرضى بمختلف أوضاعهم الاقتصادية و الاجتماعية و درجة وعيهم الصحي، و لعل خير مثال هو أحداث الضواحي في فرنسا المصنفة عالمياً أولى في هذا المجال، و معركة التأمين الصحي التي تفرّغ لها أوباما منذ استلامه رئاسة الولايات المتحدة و يعتري نجاحها الكثير من الشكوك، و لمن يرغب بالاستزادة بإمكانه استذكار مثال موت مريض في قاعة الانتظار في قسم الإسعاف دون معاينة مدة 24 ساعة، أو حتى مشاهدة فيلم Sicko لمخرجه مايكل مور. و بهذا فإن القصور في التغطية الصحية ينعكس على مجمل الصورة العامة.
أيضاً من أهم عوامل تدهور أداء الأطباء هو الدور السلبي للإعلام في تحطيم صورة الطبيب المثالية المنعكسة في مخيلة الناس بما في ذلك الأطباء المستقبليين. أستطيع القول بثقة أن صناعة (التهام الصنم) هي صناعة أمريكية بامتياز، تقوم على تأليه الفرد البطل و جعله النموذج الذي يرتجيه الناس في وجدانهم - واعين و غير واعين- قبل بدء نقب صورته و تشويهها، تماماً كما يحدث مع نجوم السينما و الغناء و السياسة و بحيث تصبح أدق تفاصيل حياتهم الشخصية مرتعاً للفضائح و مستباحة لأقلام و كاميرات البابارتزي، و بهذا بعد عزل الألوهية الميتافيزيقية و جعلها ممكنة لكل الأفراد البشرية، يتم بشكل حسي ملموس تدمير هذا الإله و ترك الكون في حالة فوضى... أخلاقية على وجه الخصوص. بعض أوضح الأمثلة فيلم Awake الذي يتآمر فيه جرّاح قلب مع عشيقته لقتل صديقه المريض بإجراء عملية زرع قلب وهمية تنتهي بوفاته و إرث أمواله، و السلسلة التلفزيونية House التي يعالج بطلها الطبيب عدواني الشخصية غريب الأطوار مرضاه عن طريق فريقه الطبي دون أن يراهم بالكاد! أما الأسوأ فهي سلسلة Grey’s Anatomy التي تصور مجتمع الأطباء من مقيمين و أخصائيين منغمسين في نزواتهم العاطفية و مشاكلهم الشخصية يتعاملون مع مرضاهم بصفتهم أشياء و حالات لا بشراً مؤتمنين على صحتهم.
كذلك على الصعيد المحلي، فالفضائح تشكّل طوق إنقاذ لصحفنا من رتابتها، فكيف بها إن كانت في هذا المجال الحسّاس!؟ ما يؤلمك في هذه "التحقيقات" هو الجهل المدقع الذي يتم به صياغة المقال سواءً من ناحية المصطلحات أو توصيف الإجراءات و ما ارتكبه الطبيب من تجاوزات، و في الوقت الذي تنشر فيه أخبار الجرائم و السرقات بالأحرف الأولى لمجرمين مجهولين ثبتت عليهم تهمهم، يتم التشهير بأسماء الأطباء صراحةً أو إيراد معلومات تغني عن السؤال عن أسمائهم، مستغلة التعاطف الفطري الذي يشعربه الإنسان مع الضعيف، محولين المريض – على حقٍّ كان أم على باطل – إلى ضحيةٍ و شهيد! ناهيك عن الأخبار الطبية التي توردها في زاوية ((منوعات))عن دراسات و أبحاث إما غير نهائية أو ليست ذات قيمة حقيقية صحيحة وفق معايير البحث العلمي (خاصة عند تمويل هذه الأبحاث من شركات دوائية أو مختصة بالأجهزة الطبية و دفعاً للنتائج لصالح منتجات هذه الشركات، أو حتى دعماً لوجهة نظر مؤسسات معينة كما في الدراسات الأمريكية المتعلقة بدراسة المثلية الجنسية) متغافلةً عن كون هذه الزاوية هي المرجع الطبي الموثق لشريحة واسعة ممن ظنوا امتلاكهم ناصية العلم .. بقراءة جريدة! هم ذاتهم من يصغون إلى الطبيب الذي يشرح لهم عن المرض و إمكانيات العلاج و المضاعفات المحتملة أكثر من نصف ساعة قبل أن يسألوه السؤال الخالد: يعني هالمرض خطير دكتور؟!
في الصفحة الخامسة من كتاب Advanced Surgical Recall و ضمن فقرة (العيش مع الأخطاء) نجد توصية واضحة تقول: "سوف ترتكب أخطاءً، و في أوقات عديدة ستؤذي هذه الأخطاء مرضاك. إن الأخطاء قابلة للغفران إن كنت تبذل قصارى جهدك .. و لهذا عليك أن تسامح نفسك و تتذكر خطأك للتعلم منه". إنّ عدم التمييز بين الاختلاطات و الأخطاء الطبية هو أحد أصعب المعضلات التي يجب تفسيرها لغير الأخصائيين، مثال ذلك أن عملية استئصال الزائدة الدودية لها نسبة اختلاطات مرضيّة تتراوح بين إنتان الجرح إلى تجرثم الدم و التهاب البريتوان الصاعق ( نوع من التهاب إنتاني داخل البطن يكون قاتلاً في نصف المصابين) و تصل نسبتها إلى 1 % بين جميع الخاضعين لها رغم أن معظمها بسيط تتم معالجته بالأدوية، لكن احتمال الوفاة وارد دوماً (كاختلاط جراحي بحد ذاته و ليس اختلاطاً تخديرياً، و هو أمر آخر يخضع لقوانين الخطورة المرضية و العلاجية)، و في بلادنا يتم استئصال بضعة آلاف من الزوائد الدودية سنوياً، يرد احتمال وفاة واحدة أو اثنتين، يتم التركيز عليهما إعلامياً لهول الخبر: "دخل غرفة العمليات لاستئصال زائدة فخرج منها إلى قبره"!
و تبقى أخيراً مأساة أخرى تطبع الواقع المهني في بلادنا عموماً .. يحدث أن يشرح طبيبٌ جدير باختصاصه و يتمتع بضميرٍ حي، لمريضه عن ماهية المرض و سيره و أفضل طرق علاجه و أنسبها على مدىً طويلٍ نسبياً. يذهب مريضنا و درجاً على ما اعتدناه من كثرة الشك إلى طبيبٍ ثانٍ ، و ربما ثالث و رابع، إلى أن يقع بين يدي طبيب ذي ضميرٍ ميت أو قليل الخبرة و المتابعة في مجاله، فيقيم الدنيا و لا يقعدها على رأس الزميل الذي كاد يفتك بمريضه المرتاع الواقف بين يديه يصغي في خوف إلى "منقذه" من مصيرٍ مؤسف! و ينتهي بهما الأمر إلى المباشرة بمعالجة تشبه قتل الذبابة بمدفع، تجدي في كثير من الأحيان رغم أن نتيجتها ممكنة التحقيق بتكاليف و أضرار جانبية أقل عبر العلاج الأول، فنحصد رابحاً و خاسرين: طبيب فهلوي "بيّض" صورته و ملأ جيبه، و مريض تعافى مبدئياً على حساب نقوده المهدورة و جانب خفي على المدى البعيد في صحته، و طبيب ماهر شريف لم يخسر مريضاً فحسب بل سمعته أمامه و أمام من سيحدثهم من أصدقاء و أقارب عن "المجرم الذي كاد يقتله لولا أن قاده قدره إلى مخلّصه"، و ينتهي به الأمر إلى اختيار أحد طريقين، الفهلوة أو الهجرة. الحالة المعاكسة: طبيبٌ بالكاد يفقه بعض المعرفة الصحية أو يماطل في علاج مريضه على مبدأ "خير مريض هو ذاك الذي لا يشفى و لا يموت"، و يقود حسن الحظ مريضنا إلى طبيبٍ خبير يضع علاجاً صحيحاً حاسماً. القصة في ظاهرها لا تختلف عن سابقتها، لكنها بالعكس تماماً!
لا بد لإنهاء هذا الواقع الذي لا يرضي أحداً من المباشرة بحزمة إجراءات جذرية تقوم بتصحيح مواقع الخلل، أهم ما فيها:
1- إجراءات عامة من إعادة بناء الثقة في المجتمع بين مختلف المستويات و الأشخاص، و لن يستقيم حال ما لم يتم استعادة "حجر الفلاسفة" هذا لبناء نهضة حقيقية: الثقة .. بأنفسنا، و ببعضنا.
2- الحرص على تشكيل سوية عالية متجانسة المستوى من الأطباء. هذه النقطة ستكلفني مقالين لاحقين على الأقل آمل أن يخرجا للنور عما قريب.
3- نظام تأمين صحي يؤمن للمريض تشارك الآراء الطبية و تضافرها لتفادي أقصى ما يمكن من الأخطاء التشخيصية و العلاجية ضمن المؤسسات الصحية العامة التي يفترض أن تكون الأكثر أماناً بصفتها تحت الإشراف الحكومي المباشر، مع توحيد أنظمتها المختلفة بحيث تتبع كل مسؤولياتها وزارة الصحة ما عدا الإشراف العلمي و التدريسي و امتحانات القبول و التقييم من اختصاص وزارة التعليم العالي بالتعاون مع الكليات المختصة.
4- الأرشفة الطبية الالكترونية، و ترتبط بشكل وثيق بنظام التأمين الطبي المرجو الذي لا بد أن يشمل 80 – 90 % على الأقل من مجمل الشعب، يتم فيها وضع كافة البيانات الصحية للمريض، بدءاً من سوابقه المرضية و أدويته المزمنة و شمولاً للتقارير التشخيصية و العلاجية في كل إجراء، بحيث لا يسهل تحسين مستوى العناية أو كشف الأخطاء و تقليلها فحسب، بل سيكون لدينا أخيراً نواة حقيقية لأي مشاريع بحثية طبية تفتقد إليها مراكزنا، و هذا علمٌ يطول شرحه، و لكن لا بد من التأكيد على نقطة أساسية فيه هي مركزية هذا الأرشيف بحيث تصل كافة البيانات من مختلف المشافي العامة و المراكز الصحية و العيادات و المستشفيات الخاصة إلى القلب المحفوظ في وزارة الصحة.
5- إنشاء محكمة نقابية تقدم التقييم الطبي للمحكمة المختصة في أية حالة شكوى من خطأ طبي، حيث تباشر اللجنة النقابية بجمع الوثائق و التقارير عن الحالة من قبل المريض و الطبيب و المستشفى أو المركز الطبي، و يتم إرسال نسخة عن سير الحالة و وصفها و نتائجها مغفلةً من أسماء جميع المعنيين بحيث يبقون مجهولين منعاً لأي تأثير سلباً أو إيجاباً و يكون التحكيم للحالة بحد ذاتها، إلى سبعة أطباء - لا يعرفون بعضهم - يتم اختيارهم بعشوائية الكترونية من ضمن أسماء الأطباء المعتمدين في كل اختصاص ضمن لجنة التحقيقات الطبية، يقومون بتقييم الحالة و التقصي بالسؤال عن تفاصيل ناقصة، يصار بعدها إلى إعطاء رأيهم في الحالة و الذي سيتم تقديمه إلى القاضي بالتفصيل و باعتماد نتيجة الأغلبية مع إمكانية التقدم بطلب تقييم جديد في حال لم تكن أغلبية عظمى، أي فقط أربعة مقابل ثلاثة. حتى صدور الحكم النهائي في هذه القضايا التي يجب ألا تتأخر نتائجها أكثر من ثلاثة أشهر حرصاً على مصالح الجميع أطباء و مرضى، لا بد من قانون صارم يمنع تداول القضية إعلامياً و لو بالأحرف الأولى منعاً للتشهير و الإساءة لشخص الطبيب أو المستشفى أو الواقع الطبي العام. الأحكام يمكن أن تتراوح من التعويض و الغرامة إلى الإيقاف المؤقت أو الدائم بسحب رخصة مزاولة المهنة و فترة سجن متناسبة مع الجرم المرتكب في حال الإهمال المتعمد.
6- ممارسة إعلامية مسؤولة تساهم في بناء علاقة إيجابية بين الأطباء و المرضى، بنشر مقالات و موضوعات دورية عن شروح مبسطة لأمراض شائعة و حالات مهمة على الصعيد العام، و محاضرات مماثلة المحتوى يتم الإعلان عنها بدعوة مفتوحة للعموم في المراكز الصحية المختلفة و تحت إشراف وزارة الصحة.
كلمة أخيرة: إن الطبيب الناجح ليس ذاك الذي يحقق ربحاً وفيراً من مهنته و دور انتظارٍ طويل في عيادته، و لا حتى بالذي يحصد أعداداً كبيرة من سنوات الخبرة و شهادات الاختصاص و المؤتمرات و الأبحاث و الجوائز و النشرات .. كل ذلك قد يكون مؤشراً، لكن الطبيب الحقيقي هو الذي يتمتع بحسٍّ عالٍ من المسؤولية، و يعمل جاهداً مستنفذاً كل الفرص للوصول إلى نتيجة مُرضية، و يتقن عمله مستوفياً معايير الأمان فيه. هذا الطبيب .. الإنسان، هو الذي يثق به مرضاه، و يضعون في يده قياد إنقاذ حياتهم ما استطاع إلى ذلك سبيلا. أما الناس، فحسبه منهم ألا يجعلوه نصف إله.. و لا مصاص دماء.