الفم بوابة الجهاز الهضمي ينتهي بالبلعوم، معرض للإصابة بالعديد من الأمراض. الفم تجويف تحيطه عضلات الوجه وخصوصاً الخدين والشفتين وله سقف عظمي يُدعى اللهاة يغطيه غشاء مخاطي يحتوي على اللسان والأسنان وله غدد لعابية ملحقة به وأهمها الغدد النكفية.
اللسان جزء حساس من الجهاز الهضمي مغطى بنوع من الخلايا مؤلفة من أربعة أشكال، أكثرها عدداً(الخلايا الخيطية) فلها إمتدادات متقرنة تشبه الشعر تزداد بالطول في حالات الجفاف، وارتفاع حرارة الجسم وعند استعمال المضادات الحياتية ويحتوي أيضاً على تراكيب معقدة تسمى(براعم التذوق) وفي اللسان أنواع أخرى من الخلايا.
في الجهة البطنية من اللسان(وهي التي نراها حينما نرفعه الى الأعلى)يوجد زوج من الأوردة، هذان الوريدان معرضان للتجلط وخصوصاً عند المتقدمين بالعمر.إن الأمراض الوراثية والمتمثلة بترسب صبغة الميلانين تعدّ من الأمراض النادرة ولكنها موجودة.
أمراض الفم عديدة ومنوعة منها الولادية مثل شق سقف الفم الولادي والذي غالباً ما يكون مصاحباً لحالة شق الشفة الولادي حيث علاجه الوحيد (في الوقت الحاضر) هو التداخل الجراحي ومنها الناتجة من الشدة الخارجية، ومنها السرطانية مثل سرطان اللسان وسرطان جوف الفم وسرطان الغدد اللمفاوية أو اللعابية أما أمراض الأسنان فلن نتطرق إليها رغم أنها تلعب دوراً مهماً في صحة الفم.إن حالات الفم الأكثر شيوعاً هي :ـ
1.النَفَس الكريه (أو نَفَس ذو رائحة كريهة)/Halitosis
إن كبريتيد الهايدروجين ذا الرائحة النفاذة الكريهة وكذلك مركبات أخرى يطلق عليها الـ(ميركبتان) تنتجها بكتيريا الفم الطبيعية وتتجمع هذه المواد بين الأسنان وخصوصاً أثناء الليل فتنعكس في الصباح،إن النَفَس الكريه هو ناتج من تراكم بقايا الطعام أو لأي سبب يؤدي الى انتشار بكتريا التجويف الفمي وإن السبب الرئيس الكامن وراء هذه الحالة المزعجة للمريض نفسه هو عدم أو قلّة الإهتمام بصحة الفم.
وهناك أسباب أخرى مثل خراج الأسنان أو اللوزتين،إلتهاب اللثة،إلتهاب اللسان، جفاف الفم(ولأي سبب مثل تناول أدوية،إرتفاع حرارة الجسم،الجفاف،متلازمة شوجرن والعلاج بالإشعاع)، تناول الكحول وبعض أنواع الطعام وهناك عدد محصور من الأدوية التي تؤدي الى هذه الحالة كبعض أدوية القلب،أما الأمراض الجسمانية فتشمل أمراض الرئتين المزمنة،عجز الكبد،إرتفاع نسبة اليوريا وداء السكري.
إن التعامل مع هذه الحالة يجب أن يكون دقيقاً إبتداء بالوقوف على السبب أو الأسباب ومن ثم الأخذ بالمعالجة وتبدو أهم وسائل المعالجة هي الاهتمام الكلي وفق الأسلوب العلمي بنظافة الفم،الإهتمام بصحة الأسنان، الإهتمام بنظافة وصحة الأسنان الإصطناعية.
وقد ثبت أن تفريش اللسان يساعد بشكل فعال على التخلص من نفايات الجراثيم،أما تناول النعناع أو مضغ العلك فكلاهما يزيد من جريان اللعاب والذي يساهم بفاعلية في إزالة تلك النفايات، إن استخدام مطهرات الفم على شكل غسول يومي أثبت فائدته بمعالجة هذه الحالة.
2.القرحة القلاعية / Aphthus ulcer
حالة تمتاز بالألم الشديد ويعاني المريض فيها من عدم القدرة على تناول الطعام وحتى السوائل،حيث يكون فيها التقرح مغطى بنضوح رمادي مبيض ومحاط بحدود محمّرة، وإن أغلب الأماكن الفموية التي تظهر فيها هذه التقرحات هي جهتا اللسان البطنية والجانبية،أرضية الفم والأجزاء الرخوة والناعمة منه.إن القرحة القلاعية في الفم تحصل بنسبة 25%من بين الناس،وإن هذه القرحة ليست إلتهابية ( أي لا جرثومية ).
هذه الحالة تعاود المريض بفترات غير منتظمة وعلى شكل مفرد أو متعدد القرحات.
إن هذه التقرحات تتماثل الى الشفاء خلال فترة 1ـ 4 أسابيع.لقد سجّل الأطباء جملة من الحالات التي ترافق هذه التقرحات ولكنهم أثبتوا أن العامل الرئيس في حصولها يعود الى العامل المناعي، ووجدوا أن تناول البندق والجكليت إضافة الى الحوامض تساعد على حصولها، وقد ثبت أن ارتفاع درجة حرارة الجسم ولفترة طويلة وكذلك الشدّة الخارجية الموضعية تساعد بحصول هذه التقرحات،أما المرضى الذين يعانون من ( فقر الدم الخبيث/وهو فقر الدم الناتج من نقص مجموعة فايتمين B ) فغالباً ما يعانون من هذه الحالة.
إن قرحة الفم تكون إحدى صور الأمراض التالية: حالات الأمعاء الإلتهابية،مرض بهجت،مرض رايتر،وحمى الغدد اللمفاوية الفيروسي( بفايروس إبشتين ـ بار) التي تصيب الأطفال بشكلٍ خاص.لايوجد علاج خاص لقرحة الفم هذه ولكن هناك بعض الوسائل التي تساعده مثل استخدام المخدر الموضعي وعلى شكل مرهم أو جل.
3.حالة الإصابة بفايروس هيربس البسيط / Herpes simplex
حالة مؤلمة يسببها نوع من الفيروسات فبإمكان هذا الفيروس إصابة الجهاز التناسلي الخارجي،العينين،الشفتين،الفم والجلد.
إن هذا الفيروس هو الذي يسبب ما يٌعرف محلياً بـ(لطمة الحمى،أو الفزّة).إن المريض يعاني ارتفاعا بدرجة الحرارة والخمول مع تورمات لمفاوية سوية مع تقرحات الفم،أما الشفاء منها فيمتد بين أسبوع وأسبوعين.
إن الإصابة المتكررة بهذا الفيروس غالباً ما يكون سببها العامل النفسي او التعرض الى شدّة مؤثرة في الجسم.إن تشخيص المرض يتم عن طريق معرفة التأريخ المرضي للمريض وكذلك من الفحص السريري ونادراً يتم إستخدام الفحص الخلوي بسبب إرتفاع كلفته وإستغراقه عدة أيام لظهور النتيجة.إن علاج الإصابة بهذا الفيروس يتم باستعمال بعض المركبات الكيماوية الخاصة.
4.الفطريات/ candidiasis
توجد هذه الفطريات(وهي أنواع)في فم نسبة عالية من الناس تصل الى 50% بشكل طبيعي،والتي بالإمكان أن تتحول الى صيغة مَرَضية بعد استخدام المضادات الحياتية بشكل عشوائي أو استخدام مستحضرات الستيرويد وكذلك لدى المرضى الذين يستخدمون الأسنان الإصطناعية،مرضى فقر الدم،داء السكري، المصابين بخمول الغدد الجنب ـ درقية وأيضاً لدى المرضى المصابين بجفاف الفم (وأسبابه عديدة)، إن الإصابة بالفطريات يحدث لدى مرضى الأيدز والأمراض السرطانية وأخيراً فإنها تصيب الذين يُعالجون بالعلاج الكيماوي.
إن هذه الفطريات تكوّن بقعة بيضاء اللون( تشبه اللبن الرائب)وأيضاً يمكن أن تكون على شكل نسيج مخاطي متورم غير منتظم الحواف أو على شكل إلتهاب زاوية الشفّة.إن المريض ربما يعاني آلاما شديدة.إن علاج هذه الفطريات يتم باستخدام المضادات الخاصة لها.
5.إلتهاب الغشاء المخاطي الفموي(إلتهاب الفم)/Mucositis/Stomasitis
وهي حالة إلتهابية شديدة الألم للمريض الذي يعالج بالعلاجات الكيماوية،بالإشعاع،أو ما تم تسجيله مؤخراً وهو بعد عمليات زرع النخاع.إن الإلتهاب سببه إما البكتيريا أو الفطريات أو الفيروسات،يكون على شكل قرحة فموية واسعة.أما علاجها فباستخدام المضادات لمسبب الإلتهاب.
6.إلتهاب اللسان/Glossitis
إنها حالة إلتهابية خاصة باللسان تشترك مع مجموعة حالات مرضية تشمل النقص التغذوي، التهييج بسبب مواد كيماوية،أدوية،فقر الدم الخبيث،التشمع، الإصابة بالفطريات...الخ.
إن المريض يعاني ألما أو حرقة في الفم، وتمتاز الحالة بفقدان الحُليمات الخيطية وهي من مكونات سطح اللسان بنسب متفاوتة وتدريجية من وجود بقعة كبيرة من التورم الى حد تحوّل اللسان الى نسيج ناعم وأملس تماماً وهو مغاير للوضع التشريحي الطبيعي له.
إن فقدان هذه الحُليمات في 2% من المرضى وهي شائعة ولأسباب غير معروفة بين مرهفي الحس وبين المصابين بالربو.إن التهاب اللسان يكون في بعض الأحيان غير مؤلم ويزول لوحده.
7.فقدان حاسة التذوق/Hypogensia
هذه الحالة تصاحبها أحياناً حالة تعرف بـ(تشوه حاسة التذوق،أي تغير الصفة الطبيعية لهذه الحاسة)، وتعّدُ من مضاعفات إلتهاب اللسان وذلك بسبب تأثر البراعم الحسية الموجودة فيه، إن الأسباب غير معروفة على وجه الدقة ولكنها وجدت بصورة ملفتة لدى المدخنين والمرضى الذين يستخدمون الأسنان الإصطناعية وكذلك لدى المرضى الذين يعانون الإضطرابات النفسية.لازال العلماء في طور البحث في آلية حصول هذه الحالة المعقدة وإن العلاجات المقترحة لازالت تجريبية.
8.الأيدز والفم/ AIDS
إن المضاعفات الفموية الناتجة من الإصابة بالأيدز شائعة وعديدة وتشمل الإصابة بالفطريات وبنسبة 75% من المصابين،مرض كابوسي بنسبة 20%،حالة الإصابة بفايروس(إبشتين ـ بار)وبنسبة تصل الى 79% من المرضى،وهناك حالات أخرى مثل تقرحات اللثة.
9.أمراض الفم الخاصة بالنقص التغذوي/ Nuttritional Deficiencies
وهي شائعة في حالة النقص الشديد لفايتميناتB2 ،B6،فولك أسد وكذلك في حالة نقص الحديد،وخصوصاً لدى المصابين بـ(إلتهاب زاوية الشفة أو إلتهاب اللسان التحسسي)،إن اللسان يعاني مشاكل صحية خصوصاً في حالة فقر الدم الخبيث الناتج من نقص فايتمين B12 والذي يؤدي الى تأثر العصب الحسي والى تلف الخلايا المخاطية.
إن نقص فيتامينCهو الأخر يلعب دوره بأمراض اللثة أما نقص فايتمين K فتنتج منه حالة النزف المستمرة ما لم يعالج بالصورة الصحيحة.
10.حالة الفقاقيع الجلد ـ فموية/Oral bullae
من الأمراض الصعبة ولكنه موجود حيث يمتاز بوجود فقاعات في الفم لابد من إنفجارها مفضية الى بطانة فم مؤلمة جداً تتسبب حين شفائها بتكوين ندب صلبة باللسان مصحوبة بتحدد حركة الفك الأسفل.
11.مرض الفقاقيع المناعي/Pemphigoid
من الأمراض الخاصة بالجهاز المناعي حيث يمتاز بفقاعات وتقرحات في النسيج المخاطي الفموي.إن هذه الحالة تصيب الحنجرة والمرئ وكذلك تصيب النسيج المخاطي للشرج،إنها أحد الأمراض المسجلة التي تصيب الجلد.غالبية مرضى هذه الحالة هم مِن متوسطي العمر أو مِن المتقدمين فيه.
12.الإحمرار متعدد الأشكال/ Erythema Multiforme
حالة واسعة الإنتشار بين مرضى الآيدز حيث يعاني المريض إرتفاعا بسيطا بدرجة الحرارة ومن الخمول إضافة الى أعراض في الجهاز التنفسي.إن غالبية مرضى هذه الحالة يعانون تقرحات الفم المؤلمة.
13.الأورام السرطانية/ Tumers
هذه الأورام نوعان،حميدة وخبيثة ومن الممكن أن تشمل أو تصيب أي جزء من أجزاء الجسم بما فيها الفم،فهناك أورام سرطانية تصيب الغشاء المخاطي الفموي أو تلك التي تصيب الغدد اللعابية ومنها ما تصيب اللسان أيضاً.
هذه هي مجمل ما يمكن أن يتأثر به الفم ومكوناته ولكن هناك حالات أخرى ربما تكون غير شائعة في بلادنا.