من أهم أمراض
الأسنان التي تحدث عنها الأطباء
المسلمون ،
نخر الأسنان
والأنسجة المحيطة بالأسنان، وعيوب
التشكل السني، وسوء الإطباق ،
والانسمام الفلوري السني. وعد
المسلمون أوبئة طب الأسنان جزءا
لا يتجزأ من الجسم. فلذلك كانت
هذه الأوبئة تدرس عندهم ضمن
بقية الفروع الطبية المختلفة فى
كتبهم، كما أن بعض الأطباء
المسلمين، ألفوا كتبا خاصة فى
مجال حفظ صحة الفم والأسنان،
والذي نطلق عليه اليوم طب الأسنان
الوقائي أو الطب الوقائي أو الطب
الوقائي الفموي .
حيث عرفوا
المعالجة بالكي ببعض الآلات
البسيطة، وعرفوا التضميد للجروح
نظرا لكثرة حروبهم وحاجتهم لهذا
النوع من المعالجات، فعرفوا كسور
الفكين وطريقة تجبيرهما، وكذلك
استأصلوا الأورام، وحضروا بعض
الأدوية المركبة من الحشائش
وغيرها واستعملوها للوقاية. وقد
كان الطب عندهم متوارثا عن مشايخ
الحي وعجائزه، ويعتمد على بعض
التجارب يتوارثها الخلف عن السلف.
ومن الأشياء التي استعملوها كأداة
لحفظ صحة الفم والأسنان السواك ،
وكانت استعمالاته منتشرة على
المستوى الشعبي، حتى أنه ورد ذكره
عند الكثير من شعرائهم. كما أنهم
استعملوا أعواد نبات الخلة لإزالة
ما يتبقى بين أسنانهم من فضلات.
واهتم العرب بعد ظهور الإسلام
بالطب النبوي، فقد حث على حفظ صحة
الفم والأسنان باستعمال السواك،
فقال: " لولا أن أشق على أمتي
لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة "
وقال: " السواك مطهرة للفم مرضاة
للرب " وقد اهتم المسلمون بطب
الأسنان الوقائي، فنجد أن تياذوق
طبيب الحجاج ينصحه بقوله: "لا
تأكل ما تضعف معدتك عن هضمه".
وينصحه أيضا: "وعليك بالسواك ".
وقد وصف الأطباء المسلمون سنونات
لوقاية الأسنان وتقوية اللثة
والأسنان وهى بمثابة معجون
الأسنان الذي نستعمله اليوم،
لأنها عبارة عن مساحيق وأدوية
منها الجاف، ومنها السائل الذي
يدخل في تركيبه العسل أو الخل أو
القطران. وقد اشتهر سنون فى عهد
هارون الرشيد، سمي باسمه لكثرة
استعماله له وهو "سنون هارون
الرشيد"، ميزته أنه يشد اللثة
والأسنان ويطيب النكهة، ويقطع
الرائحة الكريهة، ويحلل الأورام،
ويذهب اللعاب السائل، وهو مؤلف من
ملح مكلس وخبز شعير محروق وفلفل
وزنجبيل وأشياء أخرى. ونظرا لكثرة
اهتمام الأطباء المسلمين بصحة
الفم والأسنان فقد ألفوا في هذا
العلم. وما استطعنا معرفته من
مؤلفاتهم كت اب السواك والسنونات
للطبيب ابن ماسويه ، وكتاب في حفظ
الأسنان واصطلاحها للطبيب -
للعبادي ويعتبر هذان الكتابان من
أوائل الكتب العربية التي و ضعت
فى هذا العلم.
ولقد جاء فى معظم المؤلفات الطبية
العربية القديمة ، أن الأطباء
العرب عددوا الأدوية التي تنفع في
الوقاية من كافة أوبئة أمراض
الأسنان واللثة، فمنها سنونات
للوقاية من قلح الأسنان، ومنها
الأدوية الجلاءة التي تجلو
الأسنان من السواد والخضرة
والصفرة التي تشكل على سطوح
الأسنان، ومنها ما يزيل بخر الفم
ويطيب رائحته ونكهته، ومنها ما
يعالج القروح اللثوية، ومنها ما
يعالج تقلقل الأسنان، ومنها أدوية
للوقاية من آلام أسنان الأطفال،
وأدوية السرطان بشكل مرهم، وأدوية
للوقاية من الضرس وهو توتر خلايا
ميناء الأسنان .
ومن أهم الدراسات العربية التي
تمثل تطورا في هذا العلم بحث لابن
ربن الطبري أورده في كتابه فردوس
الحكمة عن تراكيب بعض الوصفات
الطبية الوقائية، منها وصفة أسنان
البرمكي التي أشار فيها بضرورة
غسل الفم بعد القيء للوقاية من
ضرر حموضة المعدة على الأسنان،
وكان يوصي بدهن الأسنان بالعسل
وتدليكها به، ومنع كسر الأشياء
الصلبة على الأسنان، وعدم تناول
البارد عقب الحار وجاء على ذكر
بعض وصفات السنونات التي تفيد
اللثة والأسنان، ويبلغ عدد وصفات
الأدوية التي ذكرها أكثر من مائة.
وكذلك حذر ثابت بن قرة من مضغ
الأشياء الحامضة، وعرف الضرس بأنه
ضرر يلحق بالأسنان عند مضغ
الأشياء الحامضة، وقد بين طرق
معالجة الالتهابات اللثوية،
والوقاية من بخر الفم، ونزف اللثة
وقروحها، وذكر بعض المصطلحات
الطبية الوقائية.
أما أبو بكر الرازي
فقد أورد في كتاب
الحاوي فصلا عن حفظ صحة الأسنان
واللثة، وتكلم عن أسنان الأطفال،
وحذر من مضغ الأشياء كالعلكة
واجتناب البارد عقب الساخن، وقسم
السنونات إلى: وقائية وعلاجية
ومنظفة لإزالة أوساخ الأسنان
والقلح، وحذر من الإفراط باستعمال
الخلة حتى لا تؤذى اللثة. وقد قسم
الأهوازي الآفات السيئة إلى ستة
أقسام، واعتمد في التصنيف على
علامات الألم ودرجة النخر و حرمان
النوم وتعفن السن واهترائه. أما
الشيخ الرئيس ابن سينا فكان يشير
بضرورة تنظيم أوقات الطعام،
واجتناب المضرسات واستعمال السواك
باعتدال حتى لا يخرش ميناء
الأسنان ، وضرورة الاعتناء
بالأسنان قبل النوم بدهنها ببعض
الدهون مثل دهن الورد ، وأشار إلى
تقوية اللثة، وتنشيط الدورة
الدموية فيها بتدليكها بالعسل
والخل وحذر من الحموض لتأثيرها
السيئ في الأسنان .
وقد صمم الزهراوي بنفسه بعض
الآلات، وهى تعد غاية في الإتقان
لاستعمالها في رفع القلح عن
الأسنان فكان أول طبيب مسلم ساهم
في الطب الوقائي الفموي ، بتصميم
آلات تنظيف الأسنان وإزالة
الأوساخ عنها. وأشكال هذه الآلات
ما زالت تستعمل حتى يومنا هذا،
وهو أول من تكلم عن الوقاية
الجراحية، باستئصال الأورام
السرطانية، وقد أشار إلى ربط
الأسنان المتقلقلة -بسبب التهاب
اللثة- ببعضها بأسلاك رفيعة، وقد
شرح أهمية برد وتنعيم الحواف
الناتئة من الأسنان المكسورة
والتي تسبب تخريشا لأنسجة الفم
واللسان وصمم لها المبارد الخاصة
لذلك. |